
حميد رزقي
قالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بمناسبة مرور 17 سنة على انطلاق تجربة العدالة الانتقالية بالمغرب، إن ’’ تجربة العدالة الانتقالية تأسست على “أنقاض تجربة هيئة التحكيم لتعويض ضحايا الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي، والتي اختزلت معالجة ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في جبر الضرر الفردي وبشروط مجحفة”.
وأوضحت في بيان لها أن” تجربة ما سمي بالعدالة الانتقالية المغربية تظل موضوعيا محدودة ولا تستوفي كل المعايير المتطلبة فيها، وليست تجربة رائدة وغير مسبوقة في تجارب العدالة الانتقالية العالمي، كما تقدمها الدولة ومروجي ومسوقي خطابها”. مشيرة إلى أن الملفات الموضوعة خارج الأجل، والتي تتجاوز 30.000 ملف، لم تتم معالجتها لحد الآن، باستثناء ملفات جبر الأضرار الفردية التي بذل فيه مجهود مهم بتعويض الضحايا وذوي الحقوق.
واعتبرت، أن “إنشاء هيئة لمعالجة ملف ماضي الانتهاكات، لم تأت بناء على تحول سياسي فعلي، بل تمت في إطار استمرارية نفس النظام الذي عرف انتقالا للسلطة فقط، وجاء محملا، في بداية عهده، بوعود لم تتحقق، فيما ظل جوهره الاستبدادي على حاله، حتى في دستور يوليوز 2011”.
وسجلت الجمعية استمرار محاكمة عدد من نشطاء الحركات الاحتجاجية بالمدن والقرى ومن ضمنها نشطاء حراك الريف ونشطاء الاتحاد الوطني لطلبة المغرب والصحافيين وعلى رأسهم سليمان الريسوني وعمر الراضي وتوفيق بوعشرين والعديد من المدونيين.
وسجل البيان ما أسماه، “استمرار الإفلات من العقاب الذي ما انفك، بحسب الجمعية، يشجع على تكرار الانتهاكات، خاصة مع وجود مسؤولين عن الانتهاكات في الماضي لازالوا يحتلون مواقع رئيسية في الأجهزة الأمنية والمخابراتية المختلفة” بحسب ما جاء في البيان.
وأكدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالمغرب لازال مفتوحا، ما يستدعي من الدولة المغربية العمل في اتجاه التجاوب مع المطالب الدنيا للحركة الحقوقية المغربية ممثلة في توصيات هيئة متابعة توصيات المناظرة الوطنية حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المنعقدة في نونبر 2001، والندوة الدولية حول “مسار الإنصاف والمصالحة بالمغرب”.
وجددت مطالبها بتشكيل آلية وطنية مستقلة للحقيقة، هدفها مواصلة الكشف عن الحقيقة في كافة ملفات الاختفاء القسري العالقة، وتضع حدا للمعاناة المستمرة لعقود من الزمن لعائلات المختطفين مجهولي المصير، مشيرة إلى أن الهيئات الرسمية المكلفة بالملف أعلنت استنفادها كل إمكانياتها في استجلاء الحقيقة كاملة في الملفات المصنفة “عالقة”، وعجز القضاء المغربي، للبت في هذه القضايا، وفي توفير الحقيقة القضائية؛ وأن أغلب الملفات التي وضعت لديه جرى حفظها ولم يتم تحريك المساطر بشأنها.
وشددت الجمعية، على ضرورة جبر الأضرار الجماعية المناطقية، وما تبقى من الأضرار الفردية، وأساسا منها الحالات المسجلة خارج الأجل، وكذا ملفات الإدماج الاجتماعي والرعاية الصحية، وعلى الاعتذار الرسمي والعلني للدولة المغربية للضحايا والمجتمع، وحفظ الذاكرة، بدء بالتحفظ على أماكن الاختطاف والاعتقال التعسفي….الخ
وطالبت “بالتعجيل بالقيام بالإصلاحات المؤسساتية والقانونية والتربوية، ووضع استراتيجية وطنية لمناهضة الإفلات من العقاب، حتى لا يتكرر ما جرى ويجري لحد الآن، في أفق تشييد وبناء دولة الحق والقانون، ومجتمع المواطنة بكافة الحقوق”.