هومبريس – ع ورديني
في إطار جهود الدولة لتعزيز الأمن المائي وتحقيق تنمية فلاحية مستدامة بإقليم الراشيدية، تم رسميًا تشغيل شبكة الري المرتبطة بسد قدوسة، وهو مشروع مهيكل يُراهن عليه لتحسين مردودية الأراضي الفلاحية والارتقاء بجودة الحياة في المناطق الواحية.
هذا المشروع الطموح يُتيح تعبئة ما يقارب 30 مليون متر مكعب من المياه سنويًا، تُخصص لسقي مساحة تُقدّر بـ 5.000 هكتار من الواحات التقليدية والأراضي السلالية، ما يُعد خطوة استراتيجية للحفاظ على النمط الفلاحي التاريخي الذي يُشكّل دعامة أساسية للعيش في هذه المناطق.
ويُنتظر أن يُحدث هذا الإنجاز أثرًا مباشرًا على حياة حوالي 16.600 نسمة من الساكنة المحلية، التي تعتمد بشكل كبير على النشاط الفلاحي كمصدر رئيسي للدخل، خاصة في ظل التحديات المناخية المتزايدة التي تُهدد التوازن البيئي والموارد المائية بالمنطقة.
المشروع يجمع بين الأبعاد البيئية والاجتماعية والاقتصادية؛ فهو يُكرّس الاستعمال المستدام للموارد المائية، ويُحسّن ظروف عيش الساكنة، ويُعزز الإنتاج الفلاحي، إلى جانب خلق فرص جديدة للشغل، مما يُسهم في تقوية النسيج الاقتصادي المحلي.
ويأتي تشغيل هذه الشبكة في سياق تنزيل الاستراتيجيات الفلاحية الجديدة، وعلى رأسها برنامج “الجيل الأخضر 2020–2030″، الذي يُولي أهمية خاصة للتنمية القروية وتحسين دخل الفلاحين، لا سيما في المناطق الهشة ذات الطابع الواحي.
تحليليًا، يُمكن اعتبار هذا المشروع نموذجًا لتفعيل العدالة المجالية، من خلال تمكين المناطق الواحية من بنية تحتية مائية متقدمة تُعزز قدرتها على مواجهة التغيرات المناخية، وتُكرّس مبدأ الإنصاف في توزيع الموارد التنموية.
كما يُبرز المشروع قدرة الدولة على تحقيق التوازن بين التراث البيئي والتحديث التدريجي للإنتاج الفلاحي، في أفق بناء نموذج تنموي مستدام يُراعي خصوصيات المناطق الواحية، ويُعزز مكانة المغرب في مواجهة التحديات المناخية والاقتصادية.
وبفضل هذا الإنجاز، تواصل جهة درعة تافيلالت ترسيخ مكانتها كمجال فلاحي متميز، يجمع بين الأصالة والتجديد، ويُسهم في تحقيق تنمية شاملة تنعكس إيجابًا على الساكنة والاقتصاد المحلي.
