الرئيسية

دول الساحل تندد.. الطرد الإنتقامي للمهاجرين يكشف سياسة الجزائر العدائية

هومبريسي فيلال 

في تصعيد خطير لإنتهاكات حقوق الإنسان، أقدمت السلطات الجزائرية على تنفيذ عمليات طرد جماعي للمهاجرين من دول الساحل، في خطوة إعتبرها العديد من المراقبين إنتقامية و تمييزية. 

هذه العمليات التي تمت بطريقة قسرية شملت أكثر من خمسة آلاف مهاجر بين 1 و 21 أبريل 2025، حيث تم التخلي عنهم عند “النقطة صفر” على الحدود مع النيجر، وسط ظروف مناخية قاسية و دون أي دعم إنساني يذكر. 

وفقاً للميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان و الشعوب، الذي صادقت عليه الجزائر، فإن الطرد الجماعي على أساس الجنسية يُعد إنتهاكاً صريحاً للقوانين الدولية، الأمر الذي يضع النظام العسكري الجزائري أمام مسؤولية ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وفقاً لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الذي يُعرف هذه الأفعال بأنها “هجوم واسع النطاق أو منهجي ضد السكان المدنيين”، تشمل الترحيل القسري للسكان.  

وفي تطورات متسارعة، أكدت تقارير إعلامية أن عمليات الطرد شملت إحتجاز أطفال غير مصحوبين بذويهم، بعضهم دون سن العاشرة، حيث تم فصلهم عن أسرهم و إرسالهم إلى الحدود دون معرفة مصيرهم. 

كما صادرت قوات الأمن الجزائرية جميع ممتلكات المهاجرين قبل ترحيلهم، و أجبرتهم على السير في الصحراء القاحلة للوصول إلى أقرب مركز حدودي في النيجر، في مشهد يجسد المأساة الإنسانية التي خلفتها هذه السياسات القمعية.  

جاءت هذه التحركات في سياق التوترات السياسية المتصاعدة بين الجزائر و دول الساحل، خاصة مالي، التي نددت بشدة بالسياسات العدائية الجزائرية، و رفضت تدخلاتها في شؤونها الداخلية، مما أدى إلى تصعيد دبلوماسي واضح. 

وقد سبق أن اتُهم النظام الجزائري بدعم جماعات مسلحة لزعزعة إستقرار مالي، و هو ما دفع الأخيرة إلى إلغاء إتفاق الجزائر لسنة 2015.  

على المستوى الدولي، تصاعدت الإدانات لهذه التصرفات، إذ أكدت منظمة “هاتف إنذار الصحراء” غير الحكومية أن هذه العمليات تسببت في تسجيل وفيات بين المهاجرين نتيجة الظروف الصعبة التي واجهوها، مشيرة إلى أن أكثر من 2222 شخصاً تُركوا في منطقة صحراوية خطيرة حيث اضطروا إلى المشي لمسافة طويلة وسط درجات حرارة مرتفعة للوصول إلى أقرب مركز حدودي.  

هذا الطرد الجماعي، الذي بات يُستخدم كأداة ضغط سياسي على دول الساحل، يمثل خرقاً صارخاً للقوانين الدولية، خاصة أن لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة أكدت أن حق الدولة في طرد الأجانب لا يجب أن يُمارس بشكل تعسفي أو لأغراض سياسية غير مشروعة.  

ومع تصاعد التوترات الدبلوماسية بين الجزائر والنيجر، حذّرت قناة “تيلي ساحل” النيجيرية العمومية من كارثة إنسانية وشيكة، مؤكدة أن السلطات المحلية في بلدة أساماكا سجلت طرد آلاف المهاجرين بينهم مئات القاصرين و النساء، في ظروف أقل ما يُقال عنها إنها غير إنسانية.  

هذا المشهد القاتم يُسلط الضوء على الإنتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها المهاجرون في الجزائر، و يزيد من الضغوط الدولية لمحاسبة النظام الجزائري أمام العدالة الدولية، خاصة مع تزايد المطالب بفتح تحقيق حول هذه السياسات القمعية التي تهدد أمن و إستقرار المنطقة.  

إلى جانب التداعيات الإنسانية و السياسية، تبرز هذه الأحداث الحاجة الملحة إلى تدخل دولي لضمان حماية حقوق المهاجرين، وفقاً للمعايير الدولية. 

فإستمرار عمليات الطرد الجماعي في ظروف قاسية يستدعي تحركاً عاجلاً من الهيئات الحقوقية والمنظمات الإنسانية لمساءلة المسؤولين عن هذه الممارسات، و وضع آليات لضمان عدم تكرارها مستقبلاً.

كما يفرض الواقع ضرورة تعزيز التعاون الإقليمي لمعالجة أسباب الهجرة، من خلال إستراتيجيات تنموية تركز على دعم الإستقرار الإقتصادي و الإجتماعي في دول الساحل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق