
هومبريس
أكد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، مولاي الحسن الداكي، يومه الإثنين بالرباط، أن رئاسة النيابة العامة تحرص على جعل حماية حقوق الإنسان و مكافحة التعذيب أولى أولويات السياسة الجنائية.
وأوضح الداكي، في كلمة إفتتاحية خلال ندوة إطلاق برنامج تكويني حول “بروتوكول اسطنبول (الصيغة المراجعة) : دور الطب الشرعي في حظر التعذيب و الوقاية منه”، أن هذا الحرص تعكسه التقارير السنوية لرئاسة النيابة العامة في ما يخص الجوانب المتعلقة بالمعالجة القضائية لقضايا التعذيب، و متابعة شكايات إدعاءات العنف و التعذيب و سوء المعاملة.
وأضاف أن قضاة النيابة العامة يضطلعون بدور فعال في منع التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة من خلال السهر على تطبيق المقتضيات القانونية المتعلقة بالوقاية منه و مكافحته، و التفاعل مع الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، و كذا زيارة أماكن الحرمان من الحرية، و فتح تحقيقات في الشكاوى المتعلقة بإدعاءات التعذيب المقدمة إليهم، و عرض المعتقلين على الخبرة الطبية كلما اقتضت الضرورة ذلك.
وأشار الداكي متحدثاً خلال هذا اللقاء الذي تنظمه رئاسة النيابة العامة بشراكة مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية و دعم من مركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن إلى أن دستور المملكة لسنة 2011 يعد ميثاقاً للحقوق والحريات الأساسية و لاسيما ما تضمنته مقتضيات الباب الثاني من ضمانات قانونية وقضائية لحماية حقوق الإنسان و النهوض بها، و هو ما شكل ركيزة أساسية لإطلاق العديد من الإصلاحات التشريعية و المؤسساتية.
كما ذكر المسؤول ذاته في هذا الصدد، بأن مقتضيات الفصل 22 من الدستور تنص على حماية السلامة الجسدية و المعنوية للأشخاص و عدم جواز معاملة الغير تحت أي ذريعة، معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية، و على تجريم التعذيب بكافة أشكاله، علاوة على الفصل 23 الذي يعزز الضمانات القانونية الأساسية لحماية حقوق المتهم بما في ذلك الوقاية من التعذيب و سوء المعاملة.
من جهتها، أبرزت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، آمنة بوعياش، في كلمة مماثلة أن قانون المسطرة الجنائية يعد الإطار الأمثل للتنصيص على الإجراءات القانونية للانكباب على أي إدعاء بالتعذيب.
وأضافت أن المشروع الحالي للمسطرة الجنائية أدمج بعض المقتضيات كالإستعانة بالتسجيل السمعي البصري، و حضور الدفاع للإستجواب خلال مرحلة البحث التمهيدي، و عدم تسليم المتهمين لبلدان أخرى إذا وجدت شروط تعرضهم للتعذيب أو الإختفاء القسري، فضلاً عن التحري في إدعاءات التعذيب و تعزيز الحماية القانونية للضحايا.
وفي هذا السياق، ذكرت بوعياش بأن المجلس الوطني لحقوق الإنسان أوصى بـ” أن يتم التحري في إدعاءات التعذيب في أي مرحلة من مراحل البحث أو المحاكمة، و أن يترتب عليه تلقائيا فحص طبي، و إشعار المعني بالأمر بحقه في إجراء فحص طبي مضاد”.
من جانبه، أكد مدير الشؤون الجنائية و العفو ورصد الجريمة بوزارة العدل، هشام الملاطي، في كلمة تلاها نيابة عن وزير العدل، على أهمية تعزيز قدرات العاملين في مجال العدالة الجنائية لاسيما في مجال البحث و التحقيق في إدعاءات التعذيب، تماشيا مع دستور المملكة الذي نص على تجريم كل فعل من شأنه أن يمس بالسلامة الجسدية لأي شخص.
واعتبر أن الربط بين الطب الشرعي وبروتوكول اسطنبول يعد خارطة طريق للتدبير الأمثل لإجراءات البحث والتحري في إدعاءات التعذيب، مؤكداً أن كل المشاريع الإصلاحية جاءت بمستجدات صريحة لتعزيز جهود المملكة ذات الصلة.
ويأتي هذا البرنامج التكويني الذي يشارك فيه خبراء دوليون، في إطار مواكبة إنخراط المملكة المضطرد في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان و ترجمة إرادتها الراسخة في تكريس مبادئ حقوق الإنسان وضمان التمتع بها من خلال مجهود متواصل لإدماج المعايير الدولية المترتبة عن الإتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة في التشريعات الوطنية و إستحضارها في الممارسات اليومية لمختلف المؤسسات و الجهات المعنية.
كما يندرج هذا البرنامج في إطار مواصلة تنفيذ برنامج أوسع يتعلق بتعزيز قدرات القضاة في مجال حقوق الإنسان الذي أطلقته رئاسة النيابة العامة بتعاون مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية بتاريخ 10 دجنبر 2020، بمناسبة الذكرى الـ 72 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وفي هذا الصدد، سيحتضن المعهد العالي للقضاء دورة تكوينية أولى على مدى يومين إبتداءً من يوم غد لفائدة 50 مشاركاً من قضاة النيابة العامة و قضاة الحكم و فاعلين آخرين معنيين و لاسيما ممثلي الشرطة القضائية و المندوبية العامة لإدارة السجون و ممثلين عن الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، على أن يتم تنظيم دورتين إضافيتين لاحقاً، ليبلغ عدد المستفيدين نحو 150.
كما سيتم تنظيم دورة خاصة لفائدة مجموعة من الأطباء الشرعيين، و كذا دورة أخرى لتكوين المكونين و فريق إعداد دليل وطني خاص بالموضوع.