رزقي حميد
شهد مهرجان كناوة، الذي نُظم مؤخرًا في مدينة الفقيه بن صالح، سلسلة من الانتقادات والملاحظات من طرف عدد من المهتمين بالشأن الثقافي في المنطقة. وبينما اختتمت فعاليات المهرجان بحفل كبير احتضنته مدينة سوق السبت، أعرب العديد من النشطاء والمهتمين بالتراث المحلي عن استيائهم من التهميش الذي يطال الموروث الثقافي التقليدي للمنطقة، وخاصة فن “عبيدات الرمى”، الذي يُعتبر جزءًا من الهوية الثقافية لإقليم الفقيه بن صالح.
مما لا شك فيه أن مهرجان كناوة شكّل فرصة لإبراز ثقافة غنية وموسيقى ذات جذور إفريقية عميقة، وتميز بمشاركة فرق فنية مشهورة أبهرت الحاضرين بعروضها المميزة. إلا أن هذا الحدث أثار تساؤلات لدى فئة واسعة من المتابعين حول مدى ملاءمته لخصوصيات المنطقة، حيث رأى البعض أن الاحتفاء بهذا النمط الفني جاء على حساب تسليط الضوء على تراث محلي عريق.
عبيدات الرمى، هذا الفن الشعبي الأصيل الذي تعود جذوره إلى التراث المغربي العريق، كان في نظر العديد من النقاد يستحق أن يُخصص له مهرجان خاص في منطقة تُعتبر موطنًا للعديد من الفرق التي حملت مشعل هذا الفن عبر أجيال متعاقبة خاصة وأن هذا النمط الفني يعتبر من أبرز ملامح الفلكلور المغربي، حيث يجسد تاريخًا حافلًا بالقيم والعادات التي توارثها أبناء المنطقة.
ويرى المنتقدون أن المهرجانات التي تُنظم في الفقيه بن صالح وسوق السبت ينبغي أن تُولي الأولوية للتراث المحلي، لتعزيز ارتباط السكان بتراثهم وإحياء فنونهم التقليدية، بدلًا من التركيز على أنماط موسيقية من خارج المنطقة. ويطالبون بتنظيم مهرجانات مستقبلية تُخصص للاحتفاء بالتراث المحلي، مع الحرص على الانفتاح على الثقافات الأخرى بشكل متوازن. كما دعوا إلى دعم الفرق المحلية لفن “عبيدات الرمى” وتوفير الموارد اللازمة لتطوير هذا الفن وضمان استمراريته.
وأمام معرض ومؤيد، تبقى الفقيه بن صالح، مثل غيرها من المناطق المغربية، أمام تحدٍ كبير يتمثل في تحقيق التوازن بين الحفاظ على تراثها المحلي الغني والانفتاح على الثقافات الأخرى. ما يتطلب تخطيطًا ثقافيًا أكثر شمولية يُراعي تنوع الإرث الفني المغربي ويعطي لكل منطقة خصوصيتها وحقها في التعبير عن هويتها.
