
هومبريس – ي فيلال
شهدت العلاقات المغربية الصينية تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، إذ توسعت مجالات التعاون لتشمل قطاعات إستراتيجية متنامية، مما عزز مكانة الشراكة بين البلدين و رفعها إلى مستوى أكثر تقدماً.
وكانت الزيارة الرسمية التي قام بها الملك محمد السادس إلى الصين عام 2016 نقطة تحول رئيسية، حيث تم توقيع إعلان شراكة إستراتيجية فتح الباب أمام تعاون إقتصادي و إستثماري واسع، بالإضافة إلى شراكات جديدة في مجالات الطاقة المتجددة، و البنية التحتية، و الصناعة، و السياحة، و التعليم، و التكنولوجيا.
كما انضم المغرب إلى مبادرة “الحزام والطريق” في 2017، وهو ما عزز موقعه كمنصة رئيسية للمبادلات التجارية و الإستثمارات بين الصين و أفريقيا و أوروبا.
وقد انعكس ذلك على تزايد حضور الشركات الصينية في مشاريع البنية التحتية الكبرى داخل المملكة، إلى جانب قطاعات الطاقة و المعادن.
أما على المستوى الإستثماري، فقد شهد المغرب تدفقاً متزايداً لرؤوس الأموال الصينية، لا سيما مع إطلاق مشاريع صناعية و لوجستية ضخمة، أبرزها مشروع “طنجة تيك”، المدينة الصناعية الذكية التي تمثل نموذجاً للتعاون التكنولوجي و التنمية الصناعية المشتركة.
وفي قطاع السياحة، أدى إلغاء التأشيرة للمواطنين الصينيين عام 2016 إلى إرتفاع كبير في عدد السياح الصينيين الوافدين إلى المملكة، مما ساهم في تعزيز الروابط الثقافية بين الشعبين، إلى جانب برامج تبادل أكاديمي و إنشاء معاهد كونفوشيوس بالمغرب.
وخلال أزمة كوفيد-19، تعزز التعاون بين البلدين عبر تنسيق الجهود الصحية و تطوير شراكات في تصنيع اللقاحات، مما أظهر قوة العلاقات المغربية الصينية و أهميتها في مواجهة التحديات العالمية.
اليوم، يعكس حضور المغرب كضيف شرف في النسخة الحادية عشرة لمؤتمر رواد الأعمال لمنتدى التعاون الصيني العربي بهايكو مدى الثقة المتبادلة بين الرباط و بكين، فضلاً عن الدور المحوري الذي يلعبه المغرب في التعاون بين الصين و أفريقيا و منطقة المتوسط.
هذه الدينامية المتسارعة تعكس طموح البلدين في بناء شراكة إقتصادية عادلة و متوازنة، تساهم في التنمية المستدامة و تعزز الإستقرار الإقليمي و الدولي.
إلى جانب النمو الإقتصادي المتزايد، يوفر التعاون المغربي الصيني فرصاً واعدة في مجال الإبتكار و التكنولوجيا، حيث تسعى الشركات الصينية إلى تعزيز إستثماراتها في قطاع التحول الرقمي بالمغرب.
هذا التوجه لا يقتصر فقط على تطوير البنية التحتية التكنولوجية، بل يمتد إلى دعم البحث العلمي و التطوير، مما يفتح آفاقاً جديدة أمام الكفاءات المغربية و يساهم في تعزيز موقع المملكة كمركز إقليمي للإبتكار في أفريقيا و منطقة المتوسط.