
هومبريس – ع ورديني
في ظل دينامية تصديرية متصاعدة، يستعد المغرب لتحقيق موسم إستثنائي في إنتاج الحوامض خلال 2025–2026، مع توقعات ببلوغ حجم الصادرات 669 ألف طن، أي بزيادة تُقدّر بـ10% مقارنة بالموسم الماضي، وفق بيانات منصة “فريش بلازا” المتخصصة في تجارة المنتجات الفلاحية.
هذا الأداء يأتي في وقت تشهد فيه الأسواق الأوروبية تحولات لافتة، أبرزها تراجع صادرات إسبانيا، المنافس التقليدي للمغرب، ما يمنح المنتجين المغاربة فرصة إستراتيجية لتعزيز حضورهم الدولي و توسيع حصتهم في سلاسل التوريد العالمية.
ويُعد قطاع الحوامض من أبرز روافد الاقتصاد الفلاحي المغربي، إذ يُدرّ أكثر من مليار يورو سنوياً، و يوفر فرص عمل لحوالي 200 ألف شخص، غير أن هذا النمو يواجه تحديات بيئية متزايدة، أبرزها ندرة المياه و تدهور جودة الموارد المتاحة للري.
في جهة سوس ماسة، عانى عدد من الفلاحين من ارتفاع ملوحة مياه الري، ما اضطر بعضهم إلى اقتلاع الأشجار، بينما لجأت شركات رائدة مثل “دلاسوس سيتروس” إلى حلول مكلفة كتحلية المياه و إستبدال الأصناف بأخرى أقل إستهلاكاً، في حين توقفت ضيعة “سيتاطلاس” عن الإنتاج بشكل كامل.
ولتجاوز هذه الإكراهات، أطلق المغرب مشروع محطة أكادير–شتوكة لتحلية مياه البحر، باستثمار يفوق 450 مليون يورو، و بطاقة إنتاج يومية تصل إلى 275 ألف متر مكعب، نصفها مخصص للفلاحة، مع طموح لرفع السعة إلى 400 ألف متر مكعب لتأمين ري 15 ألف هكتار من بساتين الحوامض.
ويرى خبراء في الإقتصاد الفلاحي أن هذا الإستثمار يُعد تحولاً نوعيا؟ في تدبير الموارد المائية، و يُعزز قدرة المغرب على الحفاظ على تنافسيته التصديرية، خاصة في ظل التغيرات المناخية التي باتت تؤثر بشكل مباشر على الإنتاج الزراعي في منطقة المتوسط.
كما أن هذا التوجه نحو التحلية يُبرز أهمية الابتكار في السياسات الفلاحية، و يُعيد طرح سؤال الإستدامة في سلاسل الإنتاج، حيث بات من الضروري الموازنة بين الطموح التصديري و الحفاظ على التوازن البيئي، لضمان استمرارية القطاع دون إستنزاف الموارد الطبيعية.
في المقابل، يُطالب مهنيون في القطاع بتسريع وتيرة الدعم الحكومي للفلاحين المتضررين، و توفير آليات تمويل مرنة لتجديد البنيات التحتية، خاصة في المناطق التي تواجه ضغطاً مائياً متزايداً، ما من شأنه أن يُعزز صمود الضيعات الصغيرة و يُحافظ على التنوع الإنتاجي.
كما يُنتظر أن تُسهم هذه الدينامية في فتح أسواق جديدة خارج أوروبا، خصوصاً في إفريقيا و آسيا، حيث يُراهن المغرب على جودة منتجه وتنوع أصنافه، ما يُعزز مكانته كفاعل إقليمي في تصدير الحوامض، و يُكرّس موقعه ضمن الدول الصاعدة في التجارة الزراعية العالمية.