
هومبريس – م أبراغ
في تطور قضائي غير مسبوق، أصدرت المحكمة الإدارية حكماً يُلزم عامل إقليم بنسليمان و رئيس المجلس الجماعي بإرجاع مبلغ 270 مليون سنتيم إلى الخزينة العامة للدولة، خلال مهلة لا تتجاوز عشرة أيام، و ذلك بعد ثبوت صرف هذه الأموال بطريقة غير قانونية لفائدة 72 جمعية محلية، بعضها غير نشط أو لا وجود له على أرض الواقع.
في هذا السياق، كشفت التحقيقات عن إختلالات خطيرة في توزيع المنح، حيث تم تحويل مبالغ ضخمة إلى جمعيات محسوبة على أطراف من الأغلبية، دون إحترام الضوابط القانونية، و في ظل غياب تام لمعايير الشفافية و الإنصاف.
وقد قضت محكمة الإستئناف الإدارية بالرباط بإلغاء محضر الدورة الإستثنائية للمجلس الجماعي المنعقدة في نونبر 2024، معتبرة أن انعقادها تم دون توفر الشروط القانونية، و على رأسها غياب طلب رسمي من العامل السابق، و عدم توجيه إستدعاءات قانونية لأعضاء المجلس، مما يُعد مخالفة صريحة للمادة 37 من القانون التنظيمي رقم 113.14.
من جهة أخرى، أفادت مصادر مطلعة أن مأمور التنفيذ التابع للمحكمة الإدارية حل بمقر العمالة يوم الإثنين الماضي، حيث سلّم إشعاراً رسمياً يتضمن منطوق الحكم، وسط أجواء مشحونة داخل المجلس الجماعي، الذي بات يواجه مساءلة قانونية و إدارية صارمة، قد تُفضي إلى محاسبة المتورطين في هذه التجاوزات.
فضلاً عن ذلك، يُعيد هذا الملف إلى الواجهة إشكالية التدبير المالي المحلي، و يُسلط الضوء على هشاشة آليات الرقابة، خصوصاً في ما يتعلق بصرف المال العام لفائدة الجمعيات، و هو مجال لطالما أثار إنتقادات واسعة بسبب الزبونية و تضارب المصالح، و غياب تقييم موضوعي لأداء الجمعيات المستفيدة.
علاوة على ما سبق، يُثير الحكم القضائي تساؤلات حول مدى نجاعة تدخل السلطات الإقليمية لضبط مساطر الدعم العمومي، خاصة أن العامل السابق رفض التأشير على مقرر منح الجمعيات خلال دورة أكتوبر 2024، بعد توصله بشكايات تتحدث عن شبهات محاباة سياسية، و دعم كيانات غير مؤهلة قانونياً.
إلى جانب ذلك، يُبرز هذا القرار الدور المحوري للمعارضة داخل المجالس المنتخبة، حيث كان عضو المعارضة زهير فضلي هو من تقدم بالطعن أمام المحكمة الإدارية بالدار البيضاء، مطالباً بإلغاء مقررات الدورة الإستثنائية، مستنداً إلى خروقات واضحة في استعمال السلطة، و مخالفة صريحة للمقتضيات القانونية المنظمة للدورات الإستثنائية.
من هنا، يُرتقب أن تشهد جماعة بنسليمان تحركات مكثفة خلال الأيام المقبلة، في محاولة لتدارك الوضع قبل إنتهاء المهلة القانونية، وسط ضغوط سياسية و قانونية متزايدة، قد تُفضي إلى إعادة ترتيب المشهد المحلي، و فتح الباب أمام مساءلة حقيقية حول طرق صرف المال العام، و سبل تعزيز النزاهة في منح الدعم العمومي.