
هومبريس – ج السماوي
في خطوة تحمل دلالات سياسية عميقة، أعلن رئيس وزراء مالطا، روبرت أبيلا، أن بلاده ستعترف رسميًا بالدولة الفلسطينية خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2025.
وجاء هذا الإعلان بعد ساعات من تصريح مماثل لرئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، وبعد أيام من إعلان فرنسا عن نيتها اتخاذ الخطوة ذاتها، ما يعكس تنامي التوجه الأوروبي نحو دعم حل الدولتين.
أبيلا كتب في منشور على فيسبوك: “موقفنا يعبر عن التزامنا بالجهود الرامية إلى تحقيق سلام دائم في الشرق الأوسط”.
ويأتي هذا القرار بعد ضغوط متزايدة داخل الحكومة المالطية، حيث دعت المعارضة اليمينية في يوليو إلى الاعتراف الفوري بفلسطين، في حين سبق لأبيلا أن كشف عن نية بلاده الاعتراف خلال مؤتمر أممي كان مقررًا في يونيو، قبل أن يتم تأجيله لاحقًا.
من جهته، شدد رئيس الوزراء البريطاني على أن الاعتراف بفلسطين سيكون مشروطًا بعدم اتخاذ إسرائيل خطوات جوهرية لإنهاء الوضع المأساوي في غزة، مؤكدًا أن “الوقت المناسب للاعتراف هو الآن، لأنه سيكون له أكبر تأثير”.
أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فقد أعلن أن بلاده ستعترف رسميًا بفلسطين في سبتمبر، مشيرًا إلى أن السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط لا يمكن تحقيقه دون قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة.
تحوّل في المزاج الأوروبي
التحركات الأخيرة تعكس تحولًا ملحوظًا في المزاج السياسي الأوروبي تجاه القضية الفلسطينية، إذ لم تعد التصريحات تقتصر على الدعوة إلى حل الدولتين، بل بدأت تأخذ شكل خطوات عملية للاعتراف بالدولة الفلسطينية.
هذا التحول يعكس شعورًا متزايدًا بالإحباط من الجمود السياسي في المنطقة، خاصة في ظل استمرار الحرب في غزة، وتراجع فرص التفاوض المباشر بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
الاعتراف كأداة ضغط دبلوماسي
الاعتراف بالدولة الفلسطينية لا يُعد فقط تعبيرًا عن التضامن، بل يُستخدم أيضًا كأداة ضغط دبلوماسي على إسرائيل لدفعها نحو التفاوض الجاد.
فربط بريطانيا وفرنسا الاعتراف بضرورة وقف إطلاق النار ونزع سلاح حماس، يعكس محاولة لإعادة تشكيل المعادلة الأمنية والسياسية في غزة، وفرض شروط جديدة تضمن أمن إسرائيل من جهة، وحقوق الفلسطينيين من جهة أخرى.
في ظل هذا الزخم، تبدو الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل محطة مفصلية في تاريخ القضية الفلسطينية، حيث قد تشهد موجة اعترافات دولية غير مسبوقة، تُعيد رسم ملامح المشهد السياسي في الشرق الأوسط، وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التوازنات الإقليمية والدولية.