
حميد رزقي
قال المركز المغربي لحقوق الإنسان إن معاناة عدد من الأسر المغربية مستمرة بسبب الانقطاع المتكرر للأدوية الخاصة بعلاج اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (TDAH)، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على استقرار الأطفال المصابين ويُفاقم من ظروفهم النفسية والاجتماعية.
وأكد المركز في بيان متوفر على أن غياب هذه الأدوية من السوق الوطنية يُضعف قدرة الأسر على مواكبة علاج أبنائها، ويؤدي إلى مضاعفة الأعراض السلوكية المرتبطة بالاضطراب، ما يُعرض الأطفال لخطر التنمر في المدارس، ويؤثر سلبًا على تحصيلهم الدراسي وسير حياتهم اليومية.
وأضاف المركز أن عدداً من العائلات اضطرت إلى السفر خارج المغرب، خاصة إلى دول مثل فرنسا، تونس، مصر، تركيا، وإسبانيا، من أجل اقتناء الأدوية المفقودة، ما يفرض تحديات مالية ولوجستيكية خانقة، ويجعل العلاج المنتظم بعيد المنال بالنسبة للأسر ذات الدخل المحدود.
واعتبر أن هذا الوضع ناتج عن اختلالات واضحة في تدبير ملف الأدوية، خاصة بسبب تأخر وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، ممثلة في مديرية الأدوية والصيدلة، في إصدار التراخيص اللازمة لعرض الأدوية في السوق، وهو تأخر تجاوز في بعض الحالات سنة كاملة.
وأشار إلى أن هذا التعثر تزامن مع تحول مؤسساتي عرفه قطاع الأدوية، بعد نقل صلاحيات تدبيره إلى الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية، دون أن يتم توفير التنسيق الكافي مع المصنعين والموزعين، ما أدى إلى اضطراب في سلاسل التوريد، وانعكاسات خطيرة على وفرة الأدوية الحساسة.
وشدد المركز على أن التعامل مع اضطراب فرط الحركة لا يقتصر على تأمين العلاج الدوائي، بل يتطلب مقاربة شمولية تشمل الدعم النفسي والتربوي، من أجل تمكين الأطفال المصابين من الاندماج السليم داخل المجتمع، وضمان حقهم في الرعاية الصحية والتعليم دون تمييز.
وطالب وزارة الصحة والحماية الاجتماعية باتخاذ إجراءات فورية لضمان استمرارية تزويد السوق الوطني بأدوية اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، بأسعار معقولة تراعي القدرة الشرائية للأسر المغربية، وتُجنبها اللجوء إلى حلول بديلة خارج الوطن.
ودعا إلى تطوير الصناعة الدوائية الوطنية في هذا المجال، وتقليص الاعتماد على الواردات، بما يضمن السيادة الدوائية للبلاد، واستقرار السوق، خصوصًا في ما يخص الأدوية المرتبطة بالصحة النفسية والعصبية.
كما دعا المركز إلى تعزيز التكوين والتوجيه داخل المؤسسات التعليمية، عبر إشراك الأطر التربوية في حملات تحسيسية تستهدف محاربة التنمر ضد الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة، لما له من آثار مدمرة على استقرارهم النفسي وسيرهم الدراسي.
وخلص المركز إلى أن حماية الأطفال المصابين بهذا الاضطراب مسؤولية جماعية، تتطلب تنسيقًا بين وزارات الصحة، والتربية الوطنية، والشغل، والداخلية، إلى جانب مؤسسات المجتمع المدني والمهنيين في مجالي التربية والصحة النفسية، من أجل ضمان حق هؤلاء الأطفال في الرعاية والحماية والعيش الكريم.