
هومبريس – ي فيلال
كشفت المندوبية السامية للتخطيط أن وتيرة الإدخار الوطني واصلت منحاها التصاعدي خلال الفصل الثاني من سنة 2025، حيث بلغت نسبته 29,3% من الناتج الداخلي الإجمالي، مقابل 28,4% خلال نفس الفترة من السنة الماضية، في مؤشر واضح على قدرة الإقتصاد الوطني على تعزيز موارده الذاتية رغم تقلبات الظرفية.
وأوضحت المندوبية، في مذكرة إخبارية حول الوضعية الإقتصادية الفصلية، أن هذا الارتفاع في الإدخار جاء نتيجة تباطؤ وتيرة الإستهلاك النهائي الوطني بالأسعار الجارية، إذ لم يتجاوز نموه 5,9% مقارنة بـ 6,5% خلال الفصل الثاني من 2024، ما يعكس تحفّظاً إستهلاكياً متزايداً لدى الأسر بفعل الضغوط الإقتصادية و تغير السلوكيات الشرائية.
في المقابل، سجلت صافي الدخول المتأتية من الخارج تراجعاً بنسبة 0,9% بعدما كانت قد ارتفعت بـ 5,6% في نفس الفترة من العام الماضي، و هو ما ساهم في رفع إجمالي الدخل الوطني المتاح بنسبة 7,2%، مقارنة بـ 6,8% المسجلة قبل عام، مما يعكس مرونة نسبية في مصادر الدخل الداخلي رغم التراجع الخارجي.
أما على مستوى الإستثمار، فقد ارتفع إجمالي الإستثمار الوطني ليبلغ 32,5% من الناتج الداخلي الإجمالي، بعدما كان في حدود 30% خلال نفس الفترة من السنة الماضية، و هو ما يُبرز دينامية متواصلة في المشاريع الإستثمارية، سواء العمومية أو الخاصة، و يعكس ثقة متزايدة في آفاق النمو الإقتصادي.
غير أن هذه الدينامية رافقها اتساع في الحاجة إلى تمويل الإقتصاد الوطني، حيث ارتفعت من 1,6% إلى 3,2% من الناتج الداخلي الإجمالي، في إشارة إلى الفجوة المتزايدة بين الإدخار و الإستثمار، ما يستدعي تعزيز آليات تعبئة الموارد الداخلية و الخارجية لتفادي ضغوط تمويلية مستقبلية.
ويُبرز هذا التوازن الدقيق بين الإدخار و الإستهلاك و الإستثمار طبيعة التحديات التي تواجه الإقتصاد المغربي، إذ يسعى إلى تعزيز الإستثمارات الموجهة نحو خلق القيمة المضافة، مع الحفاظ على قدرة الأسر على الإستهلاك دون المساس بالإستقرار المالي أو الإجتماعي.
وتُظهر هذه المؤشرات الحاجة إلى سياسات إقتصادية أكثر مرونة، تُراعي التحولات في سلوك الأسر و تُحفّز الادخار الإنتاجي، مع مواكبة الإستثمار بمصادر تمويل مستدامة تُقلّص الإعتماد على الخارج و تُعزز السيادة الإقتصادية.
كما تُسلّط هذه المعطيات الضوء على أهمية التنسيق المؤسساتي بين الفاعلين الإقتصاديين، من أجل بلورة رؤية متكاملة تُوازن بين أهداف النمو، العدالة الإجتماعية، و الإستقرار المالي، في ظل تحديات دولية متسارعة و تنافسية إقليمية متزايدة.