
هومبريس – ع ورديني
في سياق التحولات التشريعية الكبرى التي تشهدها المملكة، و على رأسها مراجعة مدونة الأسرة، نظّمت رئاسة النيابة العامة ندوة دولية حول موضوع “الكد و السعاية”، بحضور نخبة من القضاة و الباحثين و المهتمين بالشأن الأسري.
وخلال هذه الندوة، أكد هشام بلاوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض و رئيس النيابة العامة، أن هذا اللقاء العلمي يندرج ضمن دينامية إصلاحية يقودها جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، و تستدعي إجتهاداً قضائياً منفتحاً يُواكب التغيرات المجتمعية.
وأوضح بلاوي أن مبدأ الكد والسعاية يُجسّد أحد الحلول الفقهية العريقة التي تُكرّس قيم العدالة و الإنصاف داخل الأسرة، من خلال الإعتراف بمساهمة المرأة في تنمية أموال الأسرة خلال فترة الزواج، و هو ما أقرّه الإجتهاد القضائي المغربي عبر سنوات من الممارسة، مُعززاً بذلك التوازن بين الحقوق والواجبات.
وأشار إلى أن القضاء المغربي لعب دوراً محورياً في نقل التحولات الإجتماعية و الثقافية إلى النصوص القانونية، مما ساهم في ترسيخ مبدأ المساواة و المناصفة، وجعل من الأسرة المغربية نواة متماسكة تُسهم في بناء مجتمع عادل و منصف، كما نص عليه الفصل 32 من الدستور.
كما شدد رئيس النيابة العامة على أن المكتسبات التي حققتها المرأة المغربية لم تكن لتتحقق لولا الرؤية الملكية السامية، التي جعلت من تمكين المرأة ركيزة أساسية في المشروع التنموي الوطني، مبرزاً أن خطاب العرش الأخير أكد بوضوح أن حقوق المرأة ليست إمتيازات، بل حقوق شرعية و قانونية لا تقبل التنازل.
وتُعد هذه الندوة منصة حيوية لتبادل التجارب و الممارسات الفضلى بين الفاعلين القضائيين و الحقوقيين، بهدف بلورة توصيات عملية تُسهم في تعزيز حماية المرأة داخل مؤسسة الزواج، و تُكرّس مبدأ تقاسم الثروة الأسرية بناءً على الجهد والمساهمة الفعلية.
كما أن إعادة الإعتبار لمبدأ الكد و السعاية يُعد خطوة إستراتيجية نحو تحقيق عدالة أسرية أكثر توازناً، تُراعي السياق المغربي و تُعزز من ثقة النساء في المنظومة القضائية، خاصة في ظل التحديات الإقتصادية و الإجتماعية التي تواجهها العديد من الأسر.