
حميد رزقي
أحيت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، اليوم الخميس، بقرية تملاكت في إقليم خنيفرة، الذكرى الرابعة بعد المائة لاستشهاد البطل المقاوم موحى وحمو الزياني، أحد رموز المقاومة المسلحة ضد الاستعمار، وقائد معركة الهري التي سجّلت نقطة فارقة في تاريخ التصدي للأطماع الأجنبية.
وخلال مهرجان خطابي أُقيم بالمناسبة، استُعرضت ملاحم الكفاح الوطني، حيث سلّطت كلمات المشاركين الضوء على المسار البطولي للقائد الزياني، الذي ظل اسمه مقرونًا بالدفاع المستميت عن كرامة الأمة، وثوابتها، ومقدساتها.
وأكد المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، مصطفى الكثيري، في كلمته بالمناسبة، أن إحياء ذكرى استشهاد الزياني ليس مجرد احتفاء رمزي، بل هو وقفة وفاء واستحضار لرجالات صنعوا أمجاد هذا الوطن، من خلال تضحياتهم الجسام في مواجهة الاحتلال، وسعيهم الحثيث للحفاظ على استقلال البلاد ووحدتها الترابية.
وأشار الكثيري إلى أن معركة الهري، التي اندلعت في 13 نونبر 1914، شكّلت لحظة حاسمة في مسار النضال ضد الاستعمار، إذ أظهرت قدرة المجاهدين المغاربة، بقيادة موحى وحمو الزياني، على مواجهة قوة عسكرية مدججة بالسلاح، والانتصار عليها بأسلحة بسيطة وإرادة صلبة.
وسجل المسؤول أن البطل الزياني ظل، إلى غاية استشهاده يوم 27 مارس 1921، رمزا للتحريض على المقاومة الشعبية، حيث قاد معارك ضارية من أعالي نهر أم الربيع حتى السهول الأطلسية، جامعًا صفوف المجاهدين لمواجهة التغلغل الاستعماري في عمق البلاد.
وفي ربط رمزي بين الأمس واليوم، استغل المندوب السامي المناسبة للتأكيد على استمرار التعبئة الوطنية دفاعًا عن القضية الأولى للمغاربة: قضية الوحدة الترابية، مستشهدًا في هذا السياق بمضامين الخطاب الملكي السامي خلال افتتاح الدورة التشريعية في 11 أكتوبر 2024، والذي شدد فيه الملك محمد السادس على مركزية ملف الصحراء المغربية في الأجندة الوطنية والدبلوماسية للمملكة.
وعلى هامش الذكرى، قام الوفد الرسمي، يتقدمه مصطفى الكثيري، بزيارة لضريح الشهيد موحى وحمو الزياني، حيث تمت قراءة الفاتحة ترحمًا على أرواح شهداء المقاومة والوحدة، وعلى رأسهم جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني، كما رُفعت أكف الضراعة بالدعاء الصالح لجلالة الملك محمد السادس، ولولي العهد الأمير مولاي الحسن، وسائر الأسرة الملكية الشريفة.
وفي أجواء فنية وثقافية موازية، تم تنظيم معرض للوحات التشكيلية أبدعها تلاميذ مؤسسة الإبداع الأدبي والفني بخنيفرة، إلى جانب فقرات فنية احتفالية جسّدت قيم المقاومة بروح فنية معاصرة.
وعرف الحفل تكريم ثمانية من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، في التفاتة رمزية تعبّر عن الامتنان والعرفان لمساهماتهم في مسيرة النضال الوطني. كما تم توزيع إعانات مالية لفائدة عدد من المستفيدين من صفوف قدماء المقاومين وأراملهم، بالإضافة إلى تتويج الفائزين في مسابقة الرسم والتشكيل التي نظمت خصيصا لتخليد ذكرى الشهيد موحى وحمو الزياني.
وقد شهدت هذه اللحظة التاريخية حضور عدد من المسؤولين المدنيين والعسكريين، من ضمنهم عامل إقليم خنيفرة محمد عادل إهوران، ورئيس المجلس العلمي المحلي، وممثلون عن الهيئات المنتخبة والسلطات المحلية، إلى جانب فعاليات من المجتمع المدني، وأبناء وأرامل المقاومين الذين جسدوا بحضورهم عمق الارتباط بين الأجيال الجديدة وتاريخ المقاومة الوطنية.