
هومبريس – ح رزقي
قدمت جمهورية مالي شكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي، تتهم فيها النظام العسكري الجزائري بزعزعة إستقرارها الداخلي و دعم جماعات متطرفة تنشط في المنطقة، مما يمثل تهديداً مباشراً للأمن الإقليمي.
الشكوى، التي تم تسجيلها رسمياً تحت الرقم N25-195-MPM/YHS-mk بتاريخ 7 أبريل 2025، سُلمت إلى رئيس مجلس الأمن الدولي في مقر الأمم المتحدة بنيويورك بهدف تعميمها على باقي الأعضاء، في خطوة دبلوماسية غير مسبوقة تعكس تحولاً في تعاطي باماكو مع الإستفزازات الجزائرية.
وتبرز الوثيقة أن مالي تعتبر حادث إسقاط طائرتها المسيرة داخل أراضيها تصعيدًا خطيراً، حيث نفذت العملية جماعات إرهابية تحظى برعاية جزائرية، بدعم لوجستي و جوي مباشر من القوات العسكرية الجزائرية.
رغم تبني هذه الجماعات للعملية، إلا أنها لم تقدم أي أدلة تقنية تبرر هذا الفعل، و هو ما يؤكد أن الهدف كان توظيف الحدث دعائياً للتغطية على الدعم العملياتي الذي يقدمه النظام الجزائري لهذه التنظيمات.
على مدى سنوات، واجهت مالي تصاعد الهجمات الإرهابية في منطقة الساحل، إلا أن هذا التطور الأخير يُنظر إليه بإعتباره تدخلاً جزائرياً مباشراً في الشأن المالي، و خرقاً لمبادئ حسن الجوار، فضلاً عن تناقضه مع قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بإستقرار المنطقة.
وتشير الشكوى إلى أن الجزائر تؤجج النزاعات داخل مالي عبر دعم الحركات الإنفصالية و الجماعات التكفيرية في شمال البلاد، مما يهدد ليس فقط أمن مالي، بل إستقرار المنطقة بالكامل، و يضعف جهود التصدي للتطرف المسلح.
توجه باماكو هذه الإتهامات في وقت تعمل فيه الجزائر على تقديم نفسها كطرف وساطة في أزمات الساحل، بينما الحقائق الميدانية تكشف عن دور مقلق يلعبه النظام الجزائري في دعم الفوضى و الإنقسامات، مما يزيد من تعقيد المشهد الأمني.
وفي ظل سعي مالي إلى تعزيز سيادتها الوطنية واستعادة السيطرة الكاملة على أراضيها، تأتي هذه الشكوى لتؤكد أن الخطر لا يكمن فقط في الجماعات الإرهابية، بل في الأطراف الإقليمية التي توفر لها الدعم وتحركها وفق مصالحها، و هو ما يستدعي تحركاً دولياً جاداً لوضع حد لهذه الممارسات المزعزعة للإستقرار.
وتسلط هذه الخطوة الضوء على التغيرات في المشهد السياسي الإقليمي، حيث تعكس مدى تصاعد التوترات بين مالي و الجزائر نتيجة الإتهامات المتكررة المتعلقة بدعم الجماعات المتطرفة.
كما يمكن أن تؤدي هذه الشكوى إلى إعادة تقييم العلاقات الدولية، إذ قد تدفع مجلس الأمن إلى اتخاذ إجراءات تعزز الإستقرار في منطقة الساحل، و تحفّز على مزيد من التعاون الأمني بين الدول الإفريقية لمواجهة التهديدات المتزايدة.