الرئيسية

خط بحري مباشر بين المملكتين المغربية و السعودية… هل يُغيّر قواعد اللعبة في التجارة الإقليمية؟

هومبريسج السماوي 

في خطوة تعكس طموحًا مشتركًا لتعزيز التكامل الاقتصادي، يعمل كل من المملكة المغربية والمملكة العربية السعودية على تسريع تنفيذ مشروع إنشاء خط بحري مباشر يربط بين ميناء طنجة وميناء جدة، بهدف تسهيل حركة السلع، تقليص مدة الشحن، وتنويع المبادلات التجارية، خاصة في ظل اختلال الميزان التجاري بشكل واضح لصالح الرياض.

وبحسب ما أوردته منصة “الشرق بلومبرغ”، فإن فكرة هذا الخط طُرحت منذ سنوات، لكنها عرفت مؤخرًا زخمًا رسميًا متجددًا، وتصدرت جدول أعمال زيارة وفد اتحاد الغرف التجارية السعودية إلى الرباط، حيث لقي المشروع دعمًا واسعًا من عدد من الوزراء والمسؤولين المغاربة.

وأوضح خالد بنجلون، رئيس مجلس الأعمال المغربي السعودي، أن هذا الخط البحري سيُحدث تحولًا لوجستيًا نوعيًا، إذ من شأنه تقليص مدة شحن البضائع من نحو أربعة أسابيع إلى ما بين خمسة وسبعة أيام فقط، وهو ما يُعد عاملًا حاسمًا بالنسبة للمنتجات الطازجة المغربية الموجهة للتصدير، كما سيساهم في خفض تكاليف النقل ورفع حجم المبادلات التجارية إلى سقف قد يصل إلى 5 مليارات دولار سنويًا.

في الوقت الراهن، يبلغ حجم المبادلات التجارية بين البلدين نحو 3 مليارات دولار، تستورد منها المملكة المغربية ما قيمته 2.5 مليار دولار، أغلبها منتجات بترولية، في حين لا تتجاوز قيمة الصادرات المغربية إلى السعودية 1.15 مليار درهم، ما يُبرز عجزًا تجاريًا واضحًا من الجانب المغربي.

ورغم أن المشروع لا يزال في طور الدراسات التقنية والمالية، فإن لجنة عمل مشتركة من البلدين تُشرف على متابعته وتفعيله، وسط تفاؤل اقتصادي واسع بإمكاناته المستقبلية. ويرى عدد من الفاعلين أن الخط قد لا يكون مربحًا في بدايته، لكنه يُعد استثمارًا استراتيجيًا يُمهّد الطريق أمام توسيع الحضور المغربي في أسواق الخليج وآسيا.

إضافة إلى التحديات اللوجستيكية، تواجه العلاقات التجارية الثنائية عراقيل أخرى، من بينها الإجراءات الجمركية المعقدة، ومحدودية الاعتراف المتبادل بشهادات الجودة والمطابقة، فضلًا عن نقص الدعم الموجه للمقاولات الصغرى والمتوسطة، التي تحتاج إلى تمويل ومواكبة فعالة لتعزيز قدرتها التنافسية.

ويُعوّل على هذا المشروع في إعادة التوازن إلى الميزان التجاري، وفتح آفاق جديدة أمام الصادرات المغربية، خاصة في قطاعات الفلاحة والصناعات الغذائية والطاقة المتجددة، في ظل اهتمام سعودي متزايد بالاستثمار في هذه المجالات.

من جهة أخرى، يُنتظر أن يُسهم هذا الخط البحري في تعزيز الربط الجغرافي بين شمال إفريقيا وشبه الجزيرة العربية، ما يُعطي للمغرب موقعًا استراتيجيًا مضاعفًا كبوابة نحو إفريقيا وأوروبا والخليج، ويُعزز من جاذبيته كمركز لوجستي إقليمي.

كما يُتوقع أن يُحفّز المشروع استثمارات موازية في البنية التحتية، مثل توسعة الموانئ، وتطوير المناطق الصناعية القريبة من محاور الشحن، ما سيُسهم في خلق فرص شغل جديدة، وتحفيز النمو الاقتصادي المحلي في جهات الشمال المغربي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق