
هومبريس – ي فيلال
في لقاء دبلوماسي رفيع المستوى بالعاصمة الهندية، أكد سفير المملكة المغربية لدى الهند، محمد المالكي، أن التعاون المغربي الهندي يُشكّل ركيزة استراتيجية محورية في دعم دينامية التنمية بالقارة الإفريقية، من خلال شراكات ثلاثية قوية، موثوقة، ومستدامة، تُراعي مصالح الشعوب وتستند إلى مبادئ الاحترام المتبادل.
وأبرز المالكي أن هذا النموذج التكاملي يُعزز قدرة إفريقيا على مواجهة التحديات التنموية المتعددة، خاصة في القطاعات الحيوية مثل نقل التكنولوجيا الحديثة، الاستثمار الإنتاجي المهيكل، وتمويل مشاريع البنية التحتية ذات الأثر الاجتماعي والاقتصادي الكبير.
من جهة أخرى، شدد السفير على أن إفريقيا يجب أن تكون في صميم الاستراتيجيات التنموية للبلدين، معتبرًا أن تحقيق هذا الهدف يتطلب دعمًا من شركاء موثوقين، وعلى رأسهم المغرب والهند، لما يتمتعان به من تكامل اقتصادي وتقني، وتجارب ناجحة في التعاون جنوب-جنوب.
وأشار إلى أن التعاون الثلاثي يُمكن أن يُحدث نقلة نوعية في مجالات الطاقة، حيث سلط الضوء على تجربة المغرب الرائدة في الطاقات المتجددة والنظيفة، والتي جعلته فاعلًا إقليميًا ودوليًا في هذا المجال، بفضل استثماراته في الطاقة الشمسية والريحية والمائية.
فضلاً عن ذلك، استعرض المالكي مشروع أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي، الذي يمتد على طول 5600 كيلومتر، ويربط غرب إفريقيا بأوروبا، ويخدم أكثر من 400 مليون شخص، ويُعد من أكبر المشاريع القارية في مجال الطاقة والربط الإقليمي.
وأكد أن هذا المشروع يُجسد التكامل الإقليمي الفعّال، ويُتيح للهند فرصة استراتيجية للمساهمة فيه بفضل قدراتها التكنولوجية والمالية، مما يُعزز التعاون الثلاثي ويُكرّس مفهوم الشراكة المتوازنة.
علاوة على ذلك، أشار السفير إلى التطور النوعي في العلاقات المغربية الهندية، التي توسعت بشكل ملحوظ لتشمل مجالات الدفاع، الأمن السيبراني، ومكافحة الإرهاب العابر للحدود، مؤكدًا أن التعاون في هذه القطاعات يتم بشكل منظم ويُحقق منفعة متبادلة ومستدامة.
واستشهد بإنشاء شركة “تاتا” للأنظمة المتقدمة في المغرب، كمثال ملموس على هذا الزخم، حيث تُعد أول منشأة هندية لتصنيع المعدات الدفاعية خارج البلاد، مخصصة لإنتاج مركبة WHAP 8×8 المدرعة، وفقًا لأحدث المعايير الدولية.
إضافة إلى ما سبق، أوضح المالكي أن هذا المشروع يُعزز النسيج الصناعي الدفاعي المغربي، ويُوفر للهند بوابة استراتيجية نحو أسواق إفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية، مما يُكرّس مكانة المملكة كمركز صناعي ولوجستي إقليمي متعدد الوظائف.
من جهة أخرى، أشار السفير إلى أن العلاقات الثنائية لا تقتصر على الجانب الاقتصادي، بل تشمل أيضًا البُعد الثقافي والإنساني والاجتماعي، حيث شهد التبادل السياحي بين البلدين نموًا ملحوظًا، مدعومًا بتبسيط إجراءات التأشيرات وتكثيف الحملات الترويجية.
فقد زار المغرب أكثر من 40 ألف سائح هندي في عام 2024، بزيادة 43٪ عن العام السابق، وهو اتجاه يُتوقع أن يستمر خلال السنوات المقبلة، خاصة مع تنامي الاهتمام بالوجهات المغربية ذات الطابع التاريخي والطبيعي.
فضلاً عن ذلك، أكد المالكي أن هذه الدينامية المتصاعدة في العلاقات الثنائية تُعد ثمرة مباشرة للزيارة التاريخية التي قام بها جلالة الملك محمد السادس إلى نيودلهي سنة 2015، والتي أرست إطارًا حقيقيًا للتعاون الاستراتيجي بين البلدين، وشكّلت نقطة تحول في مسار العلاقات الثنائية.
علاوة على ذلك، يُمكن لهذا التعاون الثلاثي أن يُسهم في تعزيز الابتكار الإفريقي، من خلال إنشاء منصات مشتركة للبحث العلمي والتكوين المهني، تُركز على تطوير المهارات المحلية في مجالات التكنولوجيا الخضراء، والصناعة الذكية، والخدمات الرقمية، بما يُواكب التحولات العالمية.
إضافة إلى ما سبق، فإن هذا النموذج التكاملي يُعزز مكانة المغرب والهند كقوتين ناعمتين في جنوب الكرة الأرضية، ويُمهّد الطريق لتحالفات جنوب-جنوب أكثر تأثيرًا في صياغة مستقبل التنمية العالمية، في ظل التحولات الجيو-سياسية والاقتصادية المتسارعة، التي تفرض منطقًا جديدًا للتعاون الدولي القائم على التوازن والاحترام المتبادل.