
هومبريس – ع ورديني
تشهد الصادرات المغربية من الخضر والفواكه نمواً متسارعاً، حيث توسعت نحو أسواق جديدة في إفريقيا و آسيا و أمريكا اللاتينية، مع تعزيز حضورها التقليدي في أوروبا.
هذا التوسع يعكس نجاح السياسة الفلاحية المغربية التي ركزت على رفع جودة المنتجات و تكييفها مع المعايير الدولية، إلى جانب تحسين سلاسل الإنتاج و التوزيع، مما ساهم في تنويع الشركاء التجاريين و تقليل التبعية للأسواق التقليدية.
يرتبط هذا النجاح بعدة عوامل إستراتيجية، أبرزها التحول الكبير الذي شهده القطاع الفلاحي بفضل مخطط المغرب الأخضر و إستراتيجية “الجيل الأخضر”، اللذين ساهما في تحديث وسائل الإنتاج، تحسين تدبير الموارد المائية، و تطوير أصناف زراعية ذات مردودية عالية.
كما لعب الإستثمار في البنيات التحتية اللوجستية، مثل ميناء طنجة المتوسط و ميناء أكادير، دوراً محورياً في تسهيل الولوج السريع والآمن للأسواق الخارجية.
إلى جانب ذلك، ساهم الانخراط المغربي المتزايد في الإتفاقيات التجارية متعددة الأطراف، و توقيع إتفاقيات ثنائية مع عدد من الدول، في خفض الحواجز الجمركية و فتح آفاق جديدة أمام المنتجات الفلاحية المغربية.
وعلى المستوى التقني، حرص المغرب على مطابقة منتجاته لمعايير الجودة و السلامة الغذائية، خاصة تلك المعتمدة من قبل الإتحاد الأوروبي، مما عزز ثقة الفاعلين الدوليين في الفلاحة المغربية.
من حيث النتائج، أدى توسع صادرات الخضر و الفواكه إلى جلب العملة الصعبة، دعم ميزان الأداءات، و توفير آلاف مناصب الشغل، خصوصاً في سلاسل الإنتاج و التوضيب و النقل.
كما ساهم في تحفيز الإستثمارات الوطنية و الدولية في المجال الفلاحي و الغذائي، و رفع القدرة التنافسية للمنتجات المغربية في الأسواق العالمية.
أما على الصعيد الإفريقي، فقد نجحت المملكة في تعزيز موقعها كمزود رئيسي لعدد من الدول بالمنتجات الفلاحية، في سياق توجه إستراتيجي يروم جعل الفلاحة أداة للتعاون جنوب–جنوب، و تعزيز الأمن الغذائي الإقليمي.
ومن المتوقع أن يتعزز هذا التوجه في المستقبل القريب، خاصة مع التحول الرقمي للقطاع، و تزايد الطلب العالمي على المنتجات الصحية و الطبيعية التي توفرها الفلاحة المغربية.
تشهد الفلاحة المغربية تحولاً رقمياً متسارعاً، حيث يتم إعتماد التكنولوجيا الحديثة في الزراعة الذكية، مما يساهم في تحسين الإنتاجية و تقليل الفاقد الزراعي.
كما أن استخدام الذكاء الإصطناعي و الأنظمة الذكية في مراقبة المحاصيل يساعد على رفع جودة المنتجات و ضمان إستدامة الإنتاج، مما يعزز قدرة المغرب على مواكبة المتطلبات العالمية للأسواق الجديدة.
إن اقتحام الخضر و الفواكه المغربية لأسواق جديدة لا يمثل فقط مؤشراً على نجاعة السياسات العمومية في المجال الفلاحي، بل يعد أيضاً ورقة رابحة لتعزيز السيادة الغذائية الوطنية، و تحقيق التوازن بين التصدير والتنمية المحلية، في أفق بناء منظومة فلاحية أكثر إستدامة و شمولاً.