الرئيسية

نيجيريا و المغرب.. شراكة طاقية إستراتيجية تعيد تشكيل المشهد الإقتصادي الإفريقي

هومبريسح رزقي 

وسط التحولات الكبرى التي يشهدها قطاع الطاقة العالمي، يبرز مشروع أنبوب الغاز الإفريقي–الأطلسي كأحد أكثر المبادرات الطموحة التي تهدف إلى تعزيز التكامل الطاقي بين إفريقيا و أوروبا. 

هذا المشروع، الذي يربط بين نيجيريا و المغرب، يواصل تقدمه بثبات رغم التحديات المرتبطة بالتمويل و البنية التحتية، حيث أعلنت وزيرة الإنتقال الطاقي و التنمية المستدامة، ليلى بنعلي، أن المشروع بلغ مرحلة حاسمة، يجري خلالها العمل على إنشاء شركة ذات غرض خاص بين الرباط و أبوجا، و هي خطوة تمهيدية لإتخاذ القرار الإستثماري النهائي المتوقع بحلول نهاية العام الجاري، مما يعكس التزام البلدين بتحقيق هذا الإنجاز الطاقي.  

بكلفة تقدر بنحو 25 مليار دولار أمريكي، يمتد الأنبوب على طول 6 آلاف كيلومتر، ماراً بـ14 بلداً إفريقياً، بهدف تزويد حوالي 400 مليون نسمة بالغاز الطبيعي، مما يعزز مكانة المغرب كمحور طاقي رئيسي يربط بين أوروبا، إفريقيا، و الحوض الأطلسي. 

هذا الامتداد الجغرافي الواسع يمنح المشروع بعدًا إستراتيجياً يجعله أحد أهم المشاريع الطاقية في القارة، حيث يسهم في تعزيز الأمن الطاقي لدول غرب إفريقيا، و يشكل بديلاً إستراتيجياً يربط الغاز النيجيري مباشرة بالسوق الأوروبية، متجاوزاً محاور التوتر الإقليمي.  

وفي سياق متصل، أطلقت الحكومة المغربية طلبات إبداء الإهتمام لتطوير البنية التحتية الوطنية للغاز الطبيعي، عبر شبكة داخلية تربط ميناء الناظور بالقنيطرة، و المحمدية، وصولاً إلى الداخلة، بهدف ربطها مستقبلاً بالأنبوب القاري القادم من نيجيريا. 

هذه الخطوة تعكس رؤية المغرب في تعزيز بنيته التحتية الطاقية، بما يضمن إستدامة المشروع وفعاليته الإقتصادية، فضلاً عن توفير فرص إستثمارية جديدة في قطاع الطاقة.  

الخبير الدولي في تكنولوجيا الطاقات المتجددة، عبد الصمد ملاوي، أكد أن المشروع حقق مستويات متقدمة من النضج، حيث تم إستكمال الدراسات التقنية، تحديد المسارات، و توقيع الإتفاقيات القانونية مع الدول المعنية، مشيراً إلى أن المغرب بدأ فعلياً في تنفيذ المشروع عبر مسوح طبوغرافية و إعداد محطة للغاز الطبيعي المسال في الناظور. 

هذه التطورات تعكس مدى جاهزية المشروع للإنتقال إلى مرحلة التنفيذ الفعلي، مما يعزز فرص نجاحه على المدى الطويل.  

أما الخبير الطاقي أمين بنونة، فقد أوضح أن المشروع انتقل إلى مرحلة إعداد المخطط الإستثماري، الذي يحدد الحاجيات المالية، عروض التمويل، و توزيع المخاطر بين رأس المال و القروض، مشيراً إلى أن تأسيس شركة خاصة لتدبير المشروع يشكل خطوة استراتيجية لإحتضان المستثمرين، من بينهم مؤسسات إماراتية و بنك أفريقي للطاقة. 

هذه الدينامية الإستثمارية تعكس مدى إهتمام الفاعلين الدوليين بالمشروع، مما يعزز فرص نجاحه و يؤكد أهميته الجيوسياسية.  

إلى جانب ذلك، يتضمن المشروع 13 أنبوباً فرعياً يخترق الدول المعنية، مما يضمن نجاعة إقتصادية و تنموية، حيث تم تصميم هذه البنية التحتية بطريقة تضمن أقصى استفادة من الموارد الطاقية المتاحة، فضلاً عن تعزيز التكامل الإقتصادي بين الدول الإفريقية. 

هذا التوزيع الدقيق للبنية التحتية يعكس رؤية إستراتيجية تهدف إلى تحقيق أقصى درجات الفعالية في نقل الغاز الطبيعي، مما يسهم في دعم التنمية المستدامة في المنطقة.  

ومع إكتمال الدراسات التقنية و التجارية، تتجه الأنظار إلى أواخر 2025، حيث ينتظر صدور القرار الإستثماري النهائي، إيذاناً بإنطلاق الأشغال الفعلية لأحد أكثر مشاريع القارة طموحاً على الإطلاق. 

هذا الموعد المرتقب يشكل نقطة تحول رئيسية في مسار المشروع، حيث سيحدد مدى جاهزية الدول المعنية للإنتقال إلى مرحلة التنفيذ الفعلي، مما يعزز مكانة المغرب كفاعل رئيسي في المشهد الطاقي العالمي.  

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق