الرئيسية

المجلس الوطني للصحافة بين التنظيم الذاتي و الهيمنة المؤسساتية.. جدل سياسي يعيد طرح سؤال الإستقلالية

هومبريسي فيلال 

في جلسة برلمانية خصصت لمناقشة مشروع إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، أكدت فرق الأغلبية أن النص الجديد يُعزز الضمانات الأساسية لحماية الصحافيين، ويُكرّس خيار التنظيم الذاتي، كما يُسهم في تحسين تصنيف المغرب ضمن الدول التي تحترم حرية الصحافة، من خلال توفير بيئة قانونية مستقرة وشفافة، وترسيخ دور القضاء في تسوية النزاعات، وضمان استمرارية المؤسسات التمثيلية للمهنة.

وشددت الأغلبية على أن المشروع يُوفر كل شروط الاستقلالية والتعددية، ويُعزز مكانة الصحافيين، ويُكرّس المجلس كسلطة معنوية ورقابية رابعة، تسهم في تجويد الممارسة الصحفية والنهوض بأخلاقيات المهنة، بما يضمن أداءه لمهامه داخل المجتمع.

في المقابل، عبّرت مكونات المعارضة عن تخوفها من تكريس منطق التعيين وتقليص صلاحيات الجسم الصحفي في اختيار ممثليه داخل المجلس، معتبرة أن اعتماد معيار رقم المعاملات في انتداب الناشرين يفتقر للعدالة، ولا يعكس التعددية الحقيقية في الحقل الإعلامي.

كما سجلت وجود تمييز واضح في آلية التمثيل، حيث يُنتخب الصحافيون بينما يُنتدب الناشرون.

وانتقدت المعارضة ما وصفته بـ”التراجع عن الاختيار الديمقراطي والبعد الجهوي”، بعد إلغاء النظام الانتخابي الموحد الذي كان يُجسد مبدأ التمثيلية، مؤكدة أن إعادة تنظيم المجلس لا ينبغي أن تكون مجرد إجراء تقني، بل مدخلًا لإصلاح شامل يأخذ بعين الاعتبار هشاشة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للصحافيين.

وفي ظل هذه المستجدات، يطرح سؤال جوهري نفسه بإلحاح: هل نحن أمام تنظيم ذاتي حقيقي، أم أمام انتقال مقنع من مبدأ التمثيلية الديمقراطية إلى منطق التعيين والهيمنة المؤسساتية؟ فبينما يُفترض أن يكون المجلس الوطني للصحافة مرآة تعكس تنوع الجسم الإعلامي واستقلاله، يبدو أن بعض مقتضيات القانون الجديد تدفع في اتجاه اختزال التعددية وتهميش دور الصحافيين في اختيار ممثليهم.

التنظيم الذاتي بين النص القانوني والواقع المؤسساتي

رغم أن المشروع يُعلن عن تعزيز التنظيم الذاتي، إلا أن آليات الانتداب والتعيين تُثير شكوكًا حول مدى استقلالية المجلس، خاصة إذا لم تُرافقه ضمانات فعلية لتمثيل حقيقي للجسم الصحفي بكل مكوناته، بعيدًا عن منطق التحكم المؤسساتي.

إصلاح قطاع الصحافة يبدأ من القاعدة لا من القوانين

الرهان الحقيقي لا يكمن فقط في إعادة هيكلة المجلس، بل في معالجة الإشكاليات البنيوية التي تُضعف القطاع، وعلى رأسها هشاشة الوضع الاجتماعي للصحافيين، وغياب بيئة مهنية مستقرة تُحفز على الجودة والاستقلالية، بعيدًا عن التجاذبات السياسية والاقتصادية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق