
هومبريس – ع ورديني
يُعد إحياء الذكرى الخامسة و الثمانين لمعركة جومبلو محطة هامة لتكريم الجنود المغاربة الذين قدموا أرواحهم دفاعًا عن الحرية خلال الحرب العالمية الثانية.
وقد شهدت بلدتا جومبلو وشاستر، جنوب بروكسيل، مراسم رسمية شارك فيها مسؤولون مغاربة و بلجيكيون إلى جانب أفراد الجالية المغربية، حيث تم التأكيد على عمق الروابط التاريخية بين المغرب و أوروبا في مواجهة الفاشية و النازية.
أبرزت التصريحات خلال الفعالية أهمية الوفاء للذاكرة الجماعية، لضمان إستمرار تخليد تضحيات الجنود المغاربة الذين قاتلوا بشجاعة إلى جانب القوات الفرنسية و البلجيكية، متجاوزين كل الفوارق الدينية و العرقية.
وأشار مصطفى الكثيري، المندوب السامي لقدماء المقاومين و أعضاء جيش التحرير، إلى أن هذه المعركة تُجسد صفحة مشرقة من تاريخ المغرب في الحرب العالمية الثانية، إستجابةً لنداء الملك الراحل محمد الخامس، فيما شدد وزير الدولة البلجيكي أندري فلاهو على ضرورة إستحضار دور الجنود الأجانب الذين ضحوا بحياتهم من أجل حرية أوروبا.
تعود أحداث هذه المعركة إلى 14 ماي 1940، حين واجه الفوج السابع من الكتيبة المغربية هجوماّ ألمانياً عنيفاً، حيث أبدى الجنود مقاومة باسلة رغم الخسائر الجسيمة، و نجحوا في صد تقدم القوات النازية.
واليوم، تبقى المقبرة العسكرية الفرنسية بشاستر شاهدة على تلك التضحيات، حيث ترقد رفات المئات من الجنود المغاربة في ميدان المعركة الذي أصبح رمزاً للذاكرة والتأمل.
إستمرار تخليد هذه الذكرى يؤكد على الإلتزام المشترك بصيانة التاريخ و إعلاء القيم الإنسانية التي جمعت بين الشعوب في أصعب الأوقات، و هو ما يعكس متانة العلاقات بين المغرب و بلجيكا، ويعزز روح الإعتراف و الإحترام المتبادل بين البلدين.
إن توثيق هذه المعارك وإدراجها في المناهج التعليمية و التاريخية يساهم في نشر الوعي بين الأجيال الصاعدة بأهمية التضحية و النضال من أجل قيم الحرية و السلام.
كما أن تعزيز البحث الأكاديمي حول مشاركة الجنود المغاربة في الحروب العالمية يمكن أن يلقي المزيد من الضوء على إسهاماتهم و يعيد لهم الإعتبار التاريخي الذي يستحقونه.
الحفاظ على هذه الذاكرة التاريخية لا يعزز فقط العلاقات الثنائية بين المغرب و بلجيكا، بل يرسّخ أيضاً قيم التضامن الإنساني التي يجب أن تبقى حية عبر العصور.