
هومبريس – ج السماوي
في معطيات رسمية تعكس حجم التحديات الأمنية التي تواجهها المملكة، كشف وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت أن المصالح الأمنية تمكنت، خلال السنة الماضية و الأشهر الأربعة الأولى من السنة الجارية، من تسجيل حوالي مليون و 519 ألف قضية على الصعيد الوطني، أسفرت عن توقيف أزيد من مليون و 112 ألف شخص متورط في قضايا مختلفة.
في هذا السياق، أوضح لفتيت، في جواب كتابي على سؤال برلماني، أن السلطات الأمنية و السلطات المحلية تواكب التحولات العمرانية و الديمغرافية التي تعرفها المدن و المناطق القروية، من خلال إحداث مراكز أمنية جديدة، و تزويدها بالموارد البشرية و اللوجستيكية الضرورية، لتوفير تغطية أمنية فعالة و شاملة.
من جهة أخرى، شدد الوزير على أن المقاربة الأمنية المعتمدة ترتكز على تعزيز الحضور الميداني في الشارع العام، و تفعيل العمل الوقائي، إلى جانب نشر فرق راجلة و راكبة في الشوارع الرئيسية، الأحياء الشعبية، و محيط المؤسسات التعليمية، بهدف ردع الجريمة في مهدها و ضمان الإحساس بالأمن لدى المواطنين.
إلى جانب ذلك، أشار لفتيت إلى أن المصالح الأمنية تتفاعل بجدية مع كل ما يُتداول على مواقع التواصل الإجتماعي، من خلال فتح أبحاث تحت إشراف النيابة العامة، وهو ما يعكس يقظة الأجهزة الأمنية في مواجهة الجريمة الرقمية و المحتوى التحريضي أو المضلل.
إضافة إلى ذلك، تم تعميم الفرق المتخصصة في مكافحة العصابات الإجرامية على جميع القيادات الأمنية الكبرى، مع إحداث غرف متنقلة على متن دراجات نارية، لتسهيل التدخل في الأزقة الضيقة و المناطق الهامشية، ما يعزز من سرعة الإستجابة و فعالية التدخلات الميدانية.
وفي هذا الإطار، يرى مراقبون أن الأرقام المعلنة لا تعكس فقط حجم التحديات، بل تؤكد أيضاً على الجاهزية العالية للمنظومة الأمنية المغربية، التي باتت تعتمد على مقاربة شمولية تجمع بين الردع، الوقاية، و التفاعل الرقمي، في سبيل التصدي لمختلف أشكال الجريمة.
كما أن هذه المعطيات تفتح الباب أمام نقاش أوسع حول ضرورة تعزيز البعد المجتمعي في السياسات الأمنية، من خلال إشراك الفاعلين المحليين، و المجتمع المدني، و المؤسسات التربوية، في بناء ثقافة أمنية وقائية تُراهن على الوعي و الإنخراط الجماعي، بدل الإقتصار على المقاربة الزجرية وحدها.