
هومبريس – ج السماوي
عقد المكتب التنفيذي للفيدرالية المغربية لناشري الصحف اجتماعه الدوري يوم الجمعة 4 يوليوز 2025، و خصصه لمناقشة تداعيات مصادقة الحكومة على مشروعي القانونين رقم 26.25 و 27.25، المتعلقين على التوالي بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة و تعديل النظام الأساسي للصحافيين المهنيين.
وقد عبّرت الفيدرالية عن قلقها العميق من هذه الخطوة التي اعتبرتها تراجعاً خطيراً عن المكتسبات الديموقراطية و المهنية، و خرقاً صريحاّ لمبدأ المقاربة التشاركية التي كانت سائدة في صياغة التشريعات ذات الصلة بالمهنة.
أحد أبرز النقاط التي فجّرت الجدل هو اعتماد مبدأ “الإنتداب” لفئة الناشرين مقابل “الإنتخاب” لفئة الصحافيين، ما اعتبرته الفيدرالية تمييزاً غير دستوري يُقوّض مبدأ المساواة و يُفرغ مؤسسة التنظيم الذاتي من مضمونها.
كما نددت بما وصفته بـ”التحايل القانوني” الذي يسمح لمقاولات كبرى بالحصول على عدد مضاعف من الأصوات بناءً على رقم معاملاتها، و هو ما يُكرّس الهيمنة ويُقصي المقاولات الصغرى، و يُهدد التعددية و التنوع داخل الجسم الإعلامي.
وسجّل المكتب التنفيذي اختلالات أخرى خطيرة، من بينها غياب التوازن في تمثيلية الصحافيين بين مختلف الوسائط (المكتوب، السمعي البصري، الوكالة)، و سحب رئاسة لجنة البطاقة المهنية من الصحافيين، و منح لجنة الإشراف على الإنتخابات صلاحيات واسعة رغم تعيين أعضائها من جهة واحدة.
كما انتقد إدراج عقوبات جديدة مثل توقيف الصحف، و تحويل التحكيم في نزاعات الشغل من طوعي إلى جبري، و رفع مدة رئاسة المجلس من أربع إلى خمس سنوات دون تداول.
في قراءة تحليلية لهذا المسار، ترى الفيدرالية أن ما يجري ليس مجرد تعديل قانوني، بل هو تحوّل بنيوي نحو تنظيم موجّه للمهنة، تُهيمن عليه منطق المصالح التجارية و الولاءات السياسية، بعيداً عن روح الإستقلالية و المهنية.
وتعتبر أن هذا التوجه يُهدد بإضعاف ثقة الصحافيين في مؤسساتهم، و يُعمّق الشرخ داخل الجسم المهني، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى إعلام قوي و حرّ لمواجهة التحديات الوطنية و الدولية.
كما دعت الفيدرالية البرلمان بغرفتيه إلى تحمل مسؤوليته التاريخية، و التعالي عن منطق الأغلبية العددية، والعمل على تصحيح هذه الإختلالات الجسيمة التي تمس جوهر حرية الصحافة و إستقلالية مؤسساتها.
واعتبرت أن تمرير هذه القوانين بصيغتها الحالية سيكون بمثابة ضربة موجعة لصورة المغرب الديموقراطية، و تراجعاً عن التراكمات الحقوقية التي تحققت خلال العقود الأخيرة.
وفي ختام بلاغها، أكدت الفيدرالية المغربية لناشري الصحف أنها ستواصل نضالها الميداني و الترافعي، داعية كل القوى المهنية و الحقوقية و الديموقراطية إلى الإصطفاف دفاعاً عن حرية الصحافة، و إستقلالية التنظيم الذاتي، و مصداقية المشهد الإعلامي الوطني.
كما شددت على أن المعركة اليوم ليست بين مقاولات أو أفراد، بل هي معركة من أجل كرامة المهنة، و نزاهة التمثيلية، و إستقلالية القرار الإعلامي.