
هومبريس – ع ورديني
يشهد ملف الصحراء المغربية تحولاً سياسياً بارزاً داخل لجنة الـ24 التابعة للأمم المتحدة، حيث يتزايد التأييد لمغربية الصحراء في سياق دينامية دولية تعيد رسم موازين القوى.
لم يعد الموقف المغربي مجرد طرح دبلوماسي، بل أصبح يحظى بدعم متنامٍ داخل هذه اللجنة، التي تُعنى بتصفية الاستعمار، حيث تتبنى دول عديدة مبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي وذي مصداقية لإنهاء النزاع الذي طال أمده
هذا التحول يعكس نجاح الدبلوماسية المغربية في توسيع دائرة الحلفاء عبر القارات الخمس، خاصة في إفريقيا و الكاريبي و آسيا، حيث تبنت دول عدة مقاربة أكثر واقعية تعكس فهمًا أعمق لطبيعة النزاع و لمصالحها الإستراتيجية.
في المقابل، لم تعد الأطروحات الإنفصالية تلقى نفس الصدى الذي كانت تحظى به سابقاً، بل باتت الخطابات التي تدافع عن ما يسمى بـ”حق تقرير المصير” معزولة و مكررة، في مقابل خطاب جديد يركز على جدوى الحل السياسي العملي و النهائي الذي تقترحه الرباط منذ 2007.
كما يعزز هذا التحول قرارات مجلس الأمن الدولي، الذي دعا في قراراته المتتالية الأطراف إلى الإنخراط في المسلسل السياسي تحت رعاية الأمم المتحدة دون شروط مسبقة، مع التنويه المتكرر بمبادرة الحكم الذاتي.
تراجع الإعتراف بالكيان الإنفصالي أصبح واضحاً، حيث باتت الأغلبية الساحقة من دول العالم لا تعترف به، وهو ما يتجلى في فتح قنصليات عامة عديدة في مدينتي العيون و الداخلة بالصحراء المغربية، في رسالة سياسية واضحة تعكس الإعتراف بالسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية.
من جهة أخرى، يؤكد هذا التزايد في الدعم لمغربية الصحراء أن خطاب الجزائر داخل اللجنة بات يعاني من تآكل المصداقية، خاصة مع استمرار رفضها الانخراط الجدي في المسلسل السياسي رغم كونها طرفاً رئيسياً في النزاع.
كما أن الإنكشاف الدولي لواقع إنتهاكات حقوق الإنسان في المخيمات و لغياب الشفافية في توزيع المساعدات، زاد من عزلة الأطراف الداعمة للطرح الإنفصالي.
هذا التغير في مواقف الدول داخل لجنة الـ24 يشير إلى بداية تشكل كتلة دولية وازنة تنظر إلى النزاع من زاوية التنمية و الإستقرار الإقليميين، مما يفتح آفاقاً واعدة أمام حل نهائي على أساس السيادة المغربية والتكامل الإقليمي.
ما تحقق في لجنة الـ24 يُعدّ مكسباً إضافياّ للدبلوماسية المغربية التي تتبنى مقاربة متعددة الأبعاد، تجمع بين التحرك السياسي و المؤسساتي، تعزيز التنمية الميدانية في الأقاليم الجنوبية، و تثبيت الحضور المغربي داخل المنظمات الدولية و الإقليمية.
إذا استمر هذا الزخم، فمن المرجح أن تنتقل الدينامية المؤيدة للمغرب من مستوى التأييد السياسي إلى مستويات أقوى من الشراكة الإقتصادية و الإستثمار في الصحراء المغربية، مما يعزز الإستقرار و يكرّس واقعية الحل المغربي في نظر المجتمع الدولي.