
حميد رزقي
رغم موقعها الجغرافي الاستراتيجي، وتزايد عدد ساكنتها سنة بعد أخرى، ما تزال جماعة سوق السبت أولاد النمة تواجه تحديات تنموية عميقة تكبح طموحها في التحول إلى قطب اقتصادي صاعد بجهة بني ملال خنيفرة. ويجد المتتبع للشأن المحلي نفسه أمام سؤال ملح: لماذا عجزت المدينة عن مواكبة التحولات التي تعرفها مدن أخرى ذات مقومات مشابهة؟ وهل ما تزال الفرصة قائمة لتدارك التأخر التنموي وتجاوز مظاهر الهشاشة والركود؟
أحد أكبر العوائق التي تطرح بإلحاح هو غياب الوعاء العقاري العمومي الكفيل باحتضان المشاريع الكبرى، وهو الغياب الذي يتقاطع مع معطى آخر أكثر تعقيداً، يتمثل في هيمنة الخواص ولوبيات المضاربات العقارية على المساحات المتاحة، ما يعيق أي تخطيط حضري طموح أو جلب لاستثمارات منتجة. فكيف يمكن لجماعة ترابية أن تفكر في مناطق صناعية، أو مشاريع اجتماعية كبرى، في ظل هذا الخناق العقاري؟
إلى جانب ذلك، تبرز إشكالات التدبير المحلي الذي لم يواكب، في كثير من الأحيان، حجم تطلعات الساكنة. فقد تعاقبت مجالس جماعية على تسيير المدينة دون أن تنجح في إطلاق مشاريع مهيكلة من شأنها كسر منطق الانتظارية الذي يطبع الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمدينة. وغالبًا ما تم ربط التنمية بمبادرات ظرفية أو مشاريع صغرى موجهة إلى فئات محدودة، وهو ما حوّل مفهوم التنمية إلى مجرد واجهة انتخابية آنية، لا تعكس رؤية استراتيجية متكاملة.
وإذا كانت بعض المشاريع الجارية، كمشروعي تأهيل شارعي الحسن الثاني والجيش الملكي، قد أثارت انتباه الرأي العام المحلي، فإن التساؤل المشروع اليوم هو: هل تكفي هذه التدخلات لتحريك عجلة الاقتصاد المحلي وفتح آفاق تشغيل حقيقية أمام الشباب؟ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون تجميلاً عمرانياً لا يمس عمق الإشكالات الاجتماعية، وعلى رأسها البطالة وتهميش الطاقات المحلية؟
من جهة أخرى، يبدو المجتمع المدني والإعلام المحلي – باستثناء حالات معزولة – خارج معادلة الضغط والمرافعة، ما يقلل من زخم النقاش العمومي ويضعف الترافع حول القضايا الحقيقية للساكنة، ويحول دون تشكل جبهة مدنية قوية تفرض على الفاعل المحلي أولوية الإصغاء والتفاعل.
إن مدينة سوق السبت، وهي تقف اليوم عند تقاطع طرق، في أمسّ الحاجة إلى نفَس سياسي جديد يؤمن بالتخطيط بعيد المدى، وإلى إدارة جماعية تمتلك جرأة التغيير، وشراكات حقيقية تتجاوز المنطق الانتخابي الضيق. كما أنها تحتاج إلى وعي مدني جماعي بدينامية التحول، وإلى إعلام محلي حرّ يعيد ترتيب الأولويات وفق أجندة الساكنة، وليس وفق توازنات المكاتب المسيرة.
فهل تملك المدينة بعد كل هذه السنوات فرصة اللحاق بركب المدن الصاعدة؟ أم أنها ستظل حبيسة نماذج تنموية معطوبة لا تُنتج إلا المزيد من الإقصاء والهجرة السرية، التي صارت حلماً مشؤوماً يراود آلاف الشباب الباحثين عن أفق آخر؟