الرئيسية

إقليم أزيلال.. أيت بوكماز تنتفض في مسيرة سلمية من أجل أطفالها و تُطالب بالكرامة و الإنصاف الحقيقي

هومبريسم أبراغ 

في قلب جبال الأطلس الكبير، و على وقع صمتٍ تنموي طال أمده، خرجت ساكنة أيت بوكماز بإقليم أزيلال في مشهد احتجاجي لافت، حيث نظّم المئات من المواطنين، صباح الأربعاء 9 يوليوز الجاري، مسيرة سلمية غير مسبوقة نحو مقر ولاية جهة بني ملال خنيفرة، حاملين مطالبهم و معبّرين عن غضبهم من واقع الإقصاء و التهميش الذي تعانيه منطقتهم منذ سنوات طويلة، وسط تجاهل مستمر من الجهات المعنية و غياب أي خطوات عملية نحو الإنصاف.

المشاركون في المسيرة، من مختلف الفئات العمرية و الإجتماعية، اختاروا السير على الأقدام لمسافات طويلة، رافعين الأعلام الوطنية و لافتات تُجسّد مطالبهم الأساسية، أبرزها إصلاح الطرق الجبلية المتدهورة، و توفير طبيب قار بالمركز الصحي المحلي، و توسيع تغطية شبكة الهاتف و الأنترنت، إلى جانب بناء ملعب رياضي و مركز للتكوين في المهن الجبلية، بما يضمن إدماج الشباب في دينامية إقتصادية محلية و يُعزز فرص الإستقرار.

من جهة أخرى، عبّر المحتجون عن إستيائهم العميق من غياب العدالة المجالية، مؤكدين أن منطقتهم تُعاني من عزلة قاتلة، خاصة خلال فصل الشتاء، حيث تتحول الطرق إلى مسالك خطرة، و تُصبح الخدمات الصحية شبه منعدمة، ما يُهدد حياة السكان، خصوصاً النساء الحوامل و الحالات المستعجلة التي تتطلب تدخلاً عاجلاً في ظل غياب التجهيزات الضرورية.

فضلاً عن ذلك، شدد شباب المنطقة على ضرورة إدماجهم في مشاريع تنموية مستدامة، عبر توفير فضاءات رياضية و تكوينية، تُمكّنهم من تطوير مهاراتهم و الحد من الهجرة القروية نحو المدن، التي باتت خياراً إضطرارياً في ظل غياب فرص محلية حقيقية و مرافق تأهيلية مناسبة.

كما طالبوا ببناء سدود تلية لحماية الأراضي الزراعية من الفيضانات الموسمية، التي تتسبب سنوياً في خسائر جسيمة، و تُهدد استقرار الأسر الفلاحية التي تعتمد على الزراعة كمصدر رزق أساسي، خاصة في ظل التغيرات المناخية المتسارعة.

وفي خطوة مثيرة للجدل، أصدرت السلطات المحلية قراراً بمنع تنظيم المسيرة، معتبرة أنها غير مرخّصة و تحمل مخاطر أمنية و صحية، خاصة مع مشاركة فئات عمرية متنوعة، من أطفال و شيوخ و نساء.

هذا القرار زاد من حدة التوتر، و دفع اللجنة المنظمة إلى التأكيد على سلمية التحرك و شرعية المطالب، معتبرة أن المنع يُكرّس منطق الإقصاء بدل الحوار، و يُفاقم من فقدان الثقة في المؤسسات.

علاوة على ذلك، جدد المحتجون دعوتهم إلى الدولة من أجل الوفاء بالتزاماتها الأممية في مجال تنمية المناطق الجبلية، و سن قانون خاص بالجبل، يضمن الحقوق الأساسية للساكنة، و يُعيد الإعتبار لمناطق “المغرب العميق” التي ظلت لعقود خارج دائرة الإهتمام الرسمي، رغم ما تزخر به من مؤهلات طبيعية و سياحية و ثقافية.

من جانب آخر، عبّر المحتجون عن خيبة أملهم من اللقاءات السابقة التي جمعت ممثلين عن الساكنة بالسلطات المحلية، و على رأسها عامل إقليم أزيلال، و التي لم تُفضِ إلى أي التزامات عملية أو خطوات ملموسة.

هذا الإحباط المتراكم دفع الساكنة إلى اعتبار المسيرة شكلاً من أشكال الضغط السلمي، و رسالة واضحة بأن الصبر على التهميش بلغ مداه، وأن الوقت قد حان لتفعيل الوعود بدل الإكتفاء بالتصريحات المتكررة.

كما أجمعت فعاليات مدنية محلية على أن هذه الخطوة التصعيدية تُجسّد وعياً جماعياً متنامياً لدى سكان الهضبة، الذين باتوا يُدركون أهمية التنظيم و الترافع من أجل حقوقهم التنموية.

وقد دعت هذه الفعاليات إلى فتح حوار جاد و مسؤول مع الجهات المعنية، و إطلاق برنامج تنموي خاص بأيت بوكماز، يأخذ بعين الإعتبار خصوصيات المنطقة الجغرافية و الإجتماعية، و يُعيد الثقة بين المواطن الجبلي و الإدارة الترابية، و يُمهّد لتصالح حقيقي مع الدولة و مؤسساتها.

وفي ظل هذا التصعيد الشعبي، يترقّب المتتبعون ما إذا كانت السلطات الجهوية، ستتفاعل مع هذه المطالب، أم أن المسيرة ستُضاف إلى سجل الإنتظارات الطويلة التي تُراكمها المناطق الجبلية في المغرب، دون أن تجد طريقها إلى الإنصاف الفعلي و التنمية المتوازنة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق