
هومبريس – ج السماوي
في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، قررت السلطات الليبية تعليق أنشطة عشر منظمات إنسانية دولية و إغلاق مقارها في طرابلس، متهمة إياها بالسعي إلى “توطين المهاجرين من أصل إفريقي” داخل البلاد، و هو ما وصفته بأنه “عمل عدائي” يهدد الأمن الداخلي.
وقد جاء هذا القرار في أعقاب رسالة وجهها سفراء دوليون إلى السلطات الليبية، عبّروا فيها عن “قلقهم العميق” إزاء ما وصفوه بحملة تضييق تستهدف المنظمات غير الحكومية و العاملين الإنسانيين.
وأوضحت الرسالة أن ما لا يقل عن ست منظمات دولية أُجبرت على تعليق أنشطتها، بينما تعرض موظفوها للتهديد أو اضطروا إلى تقديم إستقالاتهم تحت الضغط.
المتحدث بإسم جهاز الأمن الداخلي الليبي، سالم غيث، تحدث في مؤتمر صحفي غير معتاد باللغة الإنجليزية، حيث وجه إتهامات مباشرة لهذه المنظمات، معتبراً أنها “تنفذ مخططاً يهدف إلى تغيير التركيبة السكانية لليبيا” عبر توطين المهاجرين الأفارقة.
وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي سبق أن حاول تنفيذ مشاريع مماثلة خلال فترة النظام السابق عبر التعاون مع إيطاليا، إلا أن أساليبه تغيرت عقب سقوط القذافي، حيث بات يعتمد على المنظمات غير الحكومية لتنفيذ أهدافه.
القائمة التي شملها القرار ضمت المجلس النرويجي للاجئين (NRC)، المجلس الدنماركي للاجئين (DRC)، أطباء بلا حدود، منظمة أرض البشر الفرنسية (Terre des Hommes)، إلى جانب منظمات إيطالية مثل تشزفي (CESVI)، آكتد (ACTED)، و إنتر سوس (INTERSOS)، بالإضافة إلى الهيئة الطبية الدولية (IMC) و لجنة الإنقاذ الدولية (IRC).
وفي تطور آخر، وجهت السلطات الليبية انتقادات شديدة إلى مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، متهمة إياها بالضلوع في أنشطة “غير قانونية”، ومؤكدة أن وزارة الخارجية ستتخذ إجراءات عقابية بحقها. كما اتهم المتحدث الأمني هذه المنظمات بـ “التدخل في الشؤون الداخلية” و “غسل الأموال” تحت غطاء العمل الإنساني.
هذا التصعيد يأتي في سياق الأوضاع السياسية المعقدة في ليبيا، حيث تتنازع على السلطة حكومتان متنافستان : الأولى في طرابلس بقيادة عبد الحميد الدبيبة و تحظى بإعتراف دولي، و الثانية في بنغازي برئاسة أسامة حماد بدعم من البرلمان و المشير خليفة حفتر.
وفي ظل هذه التوترات، كانت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا قد نددت مؤخراً بسلسلة “إعتقالات تعسفية”، داعية إلى الإفراج الفوري عن المحتجزين دون سند قانوني، و مطالبة بمحاسبة الجهات المتورطة في هذه الممارسات.
كما يواجه جهاز الأمن الداخلي الليبي و.قائده لطفي الحراري إنتقادات حادة، حيث يتهمه نشطاء حقوقيون بتنفيذ عمليات إختطاف و إخفاء قسري بحق العاملين في المجال الإنساني و المدافعين عن حقوق الإنسان.