
هومبريس – ع ورديني
في أجواء احتفالية مهيبة، شهد المعهد الملكي للإدارة الترابية بمدينة القنيطرة حفل تخرج الفوج الستين من السلك العادي لرجال السلطة، بحضور وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، وعدد من الشخصيات المدنية والعسكرية.
هذا الحدث لم يكن مجرد محطة بروتوكولية، بل لحظة رمزية تُجسد الرهان الاستراتيجي للمملكة على العنصر البشري كرافعة أساسية لتفعيل السياسات العمومية وتحقيق العدالة المجالية.
اللواء رشيد الحمري، مدير المعهد، أكد في كلمته أن التكوين داخل المؤسسة لا يقتصر على تلقين المعارف النظرية، بل يتجاوز ذلك إلى بناء شخصية قيادية متكاملة، قادرة على التفاعل مع التحديات الميدانية، واتخاذ القرار في سياقات معقدة.
وأوضح أن البرنامج البيداغوجي للمعهد يرتكز على تطوير الذات، وتعزيز الاستقلالية، وصقل المهارات التواصلية، إلى جانب تمارين ميدانية ومناورات عسكرية تُرسّخ قيم الانضباط والمسؤولية.
وقد تم تطعيم العرض التكويني بمواد حديثة تواكب التحولات الدولية في مجال القيادة والإدارة الترابية، مع التركيز على فهم الطبيعة البشرية، والقدرة على استيعاب حاجيات المواطنين بدقة وفعالية.
كما تم استقبال فوج جديد من مفتشي الإدارة الترابية، ومندوبي الإنعاش الوطني، إلى جانب تكوين خاص لفائدة أعوان السلطة الذين تم تأهيلهم لمهام “خليفة قائد”، في إطار رؤية شاملة لتوسيع قاعدة الكفاءات داخل الإدارة الترابية.
هذا التخرج يُعد تتويجًا لمسار تكويني صارم، حيث بلغ المعدل العام للفوج 15.76، وسُجل أعلى معدل فردي في حدود 18.00، ما يعكس المستوى الرفيع للمتدربين.
وقد تخلل الحفل توزيع الشهادات على المتفوقين، واستعراض عسكري رمزي، عكس جاهزية الخريجين للانخراط في خدمة الوطن والمواطن.
تُبرز هذه المحطة أهمية التكوين المستمر في إعداد جيل جديد من رجال السلطة، يمتلكون الكفاءة والمرونة والقدرة على التأقلم مع التحولات المجتمعية.
فالمعهد الملكي للإدارة الترابية لا يُخرّج موظفين، بل يُعدّ قيادات ميدانية قادرة على تنزيل الرؤية الملكية في مجال الحكامة الترابية، وتفعيل المرفق العمومي بروح المواطنة والمسؤولية.
في السياق ذاته، يُمكن اعتبار هذا الحدث تجسيدًا حيًا لمسار إصلاحي متكامل تقوده وزارة الداخلية، يهدف إلى تحديث الإدارة الترابية، وتوجيه الطاقات نحو استيعاب المتغيرات الواقعية، والاستجابة لتطلعات المواطنين.
فالتكوين لم يعد غاية في حد ذاته، بل وسيلة لإعداد أطر قادرة على قيادة التنمية، وتعزيز التماسك الاجتماعي، و ترسيخ قيم الخدمة العمومية النوعية.