
هومبريس – ج السماوي
في خطوة تعكس يقظة إستراتيجية وسط مناخ إقتصادي عالمي متقلب، قرر بنك المغرب، عقب اجتماعه الفصلي الثاني لسنة 2025، الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند 2.25%، في توجه يُوازن بين دعم النمو الإقتصادي و ضمان استقرار الأسعار، مع تركيز خاص على تحفيز المقاولات الصغيرة جداً و الصغرى و المتوسطة، التي تُشكّل أكثر من 90% من النسيج الإنتاجي الوطني.
هذا القرار يأتي في سياق يتسم بتعافٍ إقتصادي داخلي في طور التعزيز، و تباطؤ ملحوظ في معدلات التضخم، التي بلغت 0.4% في ماي الماضي، و من المتوقع أن تستقر عند 1% خلال السنة الجارية، قبل أن ترتفع تدريجياً إلى 1.8% في 2026، وفقاً لتوقعات البنك المركزي.
كما يُتوقع أن يسجل الإقتصاد الوطني نمواً بنسبة 4.6% خلال 2025، مدفوعاً بأداء قوي للقطاعات غير الفلاحية (+4.5%)، و إنتعاش القطاع الفلاحي (+5%) بفضل موسم فلاحي واعد.
منذ آخر خفض لسعر الفائدة في يونيو 2024، تراجعت كلفة القروض البنكية للقطاع غير المالي بـ45 نقطة أساس، ما ساهم في تحسين ولوج المقاولات إلى التمويل.
ولتعزيز هذا التوجه، أطلق بنك المغرب في مارس الماضي برنامجاً خاصاً لإعادة تمويل القروض الموجهة للمقاولات الصغيرة جداً، مدعوماً بخطوط تمويل مخصصة، بهدف تحفيز البنوك على توسيع قاعدة المستفيدين.
في خطوة موازية، أعلن والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، عن قرب الإنتهاء من إعداد ميثاق خاص بالمقاولات الصغيرة جداً، يُرتقب أن يُشكّل إطاراً مرجعياً لتوجيه السياسات التمويلية، و تحسين بيئة الأعمال، و تعزيز مرونة هذه الفئة في مواجهة تقلبات السوق.
على الصعيد الدولي، يواصل البنك المركزي تتبّع تداعيات التوترات الجيوسياسية على أسعار الطاقة و سلاسل التوريد، مع الحرص على عدم إتخاذ قرارات متسرعة قد تُجهض دينامية الإنتعاش الداخلي.
ويُعد تثبيت سعر الفائدة إشارة واضحة إلى إستمرارية السياسة النقدية التيسيرية، مع ترك الباب مفتوحاً أمام تعديلات مستقبلية، رهينة بتطور مؤشرات السيولة و الإستثمار و توقعات التضخم.
حتى موعد الإجتماع المقبل في شتنبر 2025، تبقى الأنظار متجهة نحو قدرة النظام المالي على تحويل التوجيهات النقدية إلى واقع تمويلي فعّال، يُعزز النمو الشامل و يُكرّس الإستقرار الإقتصادي في ظل تحولات متسارعة.