
هومبريس – ي فيلال
في خطوة جديدة تعكس طموحها المتسارع في دمج الذكاء الإصطناعي ضمن أدوات التواصل الرقمي، أعلنت شركة “ميتا” عن إطلاق ميزة مبتكرة في تطبيق “واتساب” تتيح للمستخدمين تلقي ملخصات ذكية و موجزة للرسائل غير المقروءة، ما يمنحهم وسيلة فعالة لفهم محتوى المحادثات دون الحاجة إلى قراءتها بالكامل أو التمرير عبر سلاسل طويلة من النصوص.
الميزة، التي كُشف عنها عبر منشور رسمي على مدونة “واتساب”، تعتمد على تقنيات متقدمة من الذكاء الإصطناعي طورتها “ميتا”، و تقوم بتوليد نقاط مركّزة تلخص مضمون الرسائل، مما يساعد المستخدم على إستيعاب السياق العام للدردشة، و تحديد ما إذا كانت تتطلب استجابة فورية أو يمكن تأجيلها.
وقالت الشركة في بيانها : “ندرك أن الوقت ثمين، وفي كثير من الأحيان يحتاج المستخدم إلى مراجعة سريعة لما فاته أثناء إنشغاله أو غيابه عن الهاتف.
لذلك، يسعدنا تقديم ميزة “ملخصات الرسائل”، التي توفر نظرة شاملة و سريعة على المحادثات غير المفتوحة، دون المساس بتجربة المستخدم أو خصوصيته”.
وأكدت “ميتا” أن هذه الخاصية تعتمد على ما يُعرف بـ”المعالجة الخاصة”، و هي تقنية متقدمة تضمن حماية خصوصية المستخدمين من خلال معالجة البيانات محلياً على الجهاز، بحيث لا يتم إشعار الطرف الآخر بأن رسائله قد خضعت للتلخيص أو العرض، ولا يتم إرسال أي محتوى إلى خوادم خارجية.
في مرحلتها الأولى، ستكون الميزة متاحة لمستخدمي اللغة الإنجليزية داخل الولايات المتحدة، على أن يتم توسيع نطاقها تدريجياً لتشمل لغات و أسواقًا إضافية خلال الأشهر المقبلة، في إطار خطة توسّع عالمية تهدف إلى تحسين تجربة المستخدمين في مختلف البيئات الثقافية و اللغوية.
وتأتي هذه الخطوة ضمن استراتيجية أوسع تتبناها “ميتا” لدمج أدوات الذكاء الإصطناعي في جميع منصاتها، بعد أن أطلقت مؤخراً روبوتات محادثة ذكية في “فيسبوك”، “إنستغرام”، و “واتساب”، تهدف إلى تقديم دعم شخصي و تفاعلي للمستخدمين، و توفير إجابات فورية، و إقتراحات مخصصة، و مساعدة تقنية في الوقت الحقيقي.
مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي للشركة، أشار في تصريحات سابقة إلى أن هذه الروبوتات قد تتحول إلى “رفقاء رقميين”، خاصة لأولئك الذين يعانون من العزلة الإجتماعية أو يفتقرون إلى الدعم العاطفي في حياتهم اليومية، مؤكداً أن الذكاء الإصطناعي يمكن أن يلعب دوراً إيجابياً في تحسين جودة الحياة النفسية.
لكن في المقابل، أبدى عدد من المتخصصين في الصحة النفسية قلقهم من التأثيرات الجانبية المحتملة لهذه التكنولوجيا، خاصة في حال إستخدامها من قبل فئات هشّة نفسياً أو إجتماعياً.
الدكتور سورين دينيسن أوستيرغارد، أستاذ الطب النفسي بجامعة آرهوس في الدنمارك، حذّر من ظاهرة وصفها بـ”ذهان روبوتات الدردشة”، مشيراً إلى أن الأشخاص المصابين باضطرابات عقلية قد يتعرضون لتشويش إدراكي نتيجة التفاعل مع أنظمة ذكاء إصطناعي تقدم معلومات غير دقيقة أو مربكة، مما قد يؤدي إلى تفاقم الأوهام أو العزلة.
وأوضح في إفتتاحية نُشرت بمجلة Schizophrenia Bulletin أن هذه التفاعلات قد تمنع المرضى من طلب المساعدة الحقيقية، مما يزيد من تعقيد حالتهم النفسية، و يؤخر التدخل العلاجي المناسب، خاصة في الحالات التي تتطلب رعاية متخصصة.
وفي سياق متصل، يرى خبراء التكنولوجيا أن هذه الميزة الجديدة قد تُحدث تحولاً جذرياً في طريقة تعامل المستخدمين مع تطبيقات المراسلة، حيث ستقلل من التوتر الناتج عن تراكم الرسائل، و تمنح المستخدم تحكماً أكبر في وقته وتركيزه، دون الحاجة إلى الإنخراط في كل محادثة على الفور.
كما يُتوقع أن تفتح هذه الخاصية الباب أمام تطوير أدوات أكثر تخصيصاً، مثل تلخيص المحادثات الجماعية، أو تقديم اقتراحات ذكية للردود، أو حتى تحليل نبرة الرسائل، مما يعزز من كفاءة التواصل الرقمي و يُعيد تعريف تجربة المستخدم في بيئة تعتمد بشكل متزايد على الذكاء الإصطناعي التفاعلي.