الرئيسية

الدورة الـ79 للجمعية العامة الأممية.. قمة و نقاش رفيع المستوى لتجديد العمل متعدد الأطراف

هومبريس

في سياق عالمي يتسم بتعدد الأزمات، المتفاقمة نتيجة تصاعد الإستقطاب والسعي المحموم خلف المصالح الجيوسياسية، يتجدد النقاش بشأن أهمية المنظومة متعددة الأطراف التي تجسدها الأمم المتحدة، و ذلك مع قرب انعقاد جمعيتها العامة بنيويورك.

فما بين التأخير الحاصل على مستوى تحقيق أهداف التنمية، و الحروب الدائرة رحاها في إفريقيا و أوروبا و الشرق الأوسط، مروراً بالتأثير المتزايد لتغير المناخ و التطور الحتمي للذكاء الإصطناعي، تتعدد التحديات، مما يستدعي إصلاحاً شاملاً للعمل متعدد الأطراف الذي يظل، برأي الملاحظين، السبيل الوحيد من أجل توجيه دفة سفينة الإنسانية نحو بر الأمان.

يؤكد مقال تحليلي نشرته جامعة كولومبيا أن “السبيل الوحيد للإستجابة للأزمات المعاصرة التي تهددنا يكمن في إيجاد حلول متعددة الأطراف شاملة و تمثيلية و ديمقراطية، تستند إلى التطلع لتحقيق التضامن الإنساني”.

وإدراكاً للأهمية المحورية التي يكتسيها العمل متعدد الأطراف، تقر الدراسة بأن فعالية منظومة إدارة الشؤون الدولية تظل محدودة و متجاوزة في رؤيتها، لاسيما بسبب الإستقطاب الواضح بين القوى العظمى و السعي “المحموم” نحو تحقيق المصالح الوطنية على حساب الإزدهار المشترك.

في السياق ذاته، تعتبر مجلة الشؤون الخارجية (فورين بوليسي)، أن المؤسسات متعددة الأطراف أضحت تواجه ضغطاً مستمراً من أجل التكيف والتغلب على تحديات القرن الـ21، لاسيما في ظل حالة عدم اليقين الإقتصادي التي تسود العالم، و تفشي الصراعات، و ”عدم القدرة” على تعبئة الجهود لفائدة خطة التنمية 2030.

واعتبرت المجلة أن هذه المؤسسات مطالبة بالإجابة عن السؤال المؤرق : كيف يمكنها تعزيز التعاون، و رأب ثغرات الحكامة العالمية، و إعادة تفعيل النظام الدولي المتآكل، و من خلال أي منظور يمكننا استشراف ستقبل التعاون الدولي؟

هذه الأسئلة، من بين أخرى، ستكون مطروحة خلال مناقشات قمة المستقبل، المقرر عقدها يومي الأحد و الإثنين بنيويورك، والنقاش رفيع المستوى للجمعية العامة الـ79 للأمم المتحدة الذي سينعقد إنطلاقاً من 24 شتنبر الجاري بمقر المنظمة الدولية.

وخلال هذه اللقاءات، سيلتئم قادة العالم من أجل التوصل إلى توافق دولي جديد، و إتخاذ قرار مشترك بشأن كيفية تحقيق حاضر أفضل بشكل يكفل أيضاً حماية المستقبل.

يقر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بأن “التعاون العالمي الفعال يكتسي أهمية متزايدة لبقائنا على قيد الحياة، لكن تحقيقه صعب في أجواء تنعدم فيها الثقة و تستخدم فيها هياكل عفا عليها الزمن لم تعد تعكس الواقع السياسي و الإقتصادي للوقت الحاضر”.

وبرأيه، فإن هذه القمة تعد محطة أساسية “لترميم ما تآكل من الثقة و إثبات فعالية التعاون الدولي في تحقيق الأهداف المتفق عليها والتصدي للتهديدات و اغتنام الفرص الناشئة”.

وأشار إلى أن هذا الحدث الهام يعد أيضا فرصة لإصلاح المؤسسات العالمية، و من بينها مجلس الأمن، و كذا النظام المالي العالمي الذي تجسده مؤسسات “بريتون وودز”، بهدف إطلاق التفكير و الإستجابة للواقع السياسي و الإقتصادي الراهن و المستقبلي.

وبمناسبة انعقاد هذه القمة حول موضوع “حلول متعددة الأطراف من أجل مستقبل أفضل”، سيعتمد المشاركون في هذه القمة “ميثاق المستقبل”، الذي سيتضمن ملحقا يشمل “ميثاقا رقميا عالميا” و ”إعلان الأجيال المستقبلية.

هذا الميثاق، الذي سيكون ثمرة مفاوضات مسبقة وموافقات خلال القمة، يجسد الإلتزام الجماعي للبلدان المشاركة بالعمل الإستباقي و المنسق. 

ويمثل اعتماده، حسب الأمم المتحدة، مرحلة هامة نحو إرساء عالم و نظام دولي قادرين على مواجهة التحديات المعاصرة و المستقبلية.

وستتواصل مباحثات المشاركين في إطار المناقشة العامة السنوية للدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، و التي ستنعقد تحت شعار “الوحدة في التنوع، من أجل النهوض بالسلام و التنمية المستدامة و الكرامة الإنسانية للجميع في كل مكان”.

ومن المقرر، بمناسبة هذه المناقشة، عقد إجتماعات رفيعة المستوى تتناول أهداف التنمية المستدامة، والتهديدات “الوجودية” التي يفرضها إرتفاع مستوى سطح البحر، و مقاومة مضادات الميكروبات، و اليوم الدولي للإزالة الكاملة للأسلحة النووية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق