الرئيسية

جلالة الملك يترأس افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة

هومبريس

وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، مرفوقاً بولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن و بصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، يومه الجمعة (11 أكتوبر)، خطاباً سامياً إلى أعضاء البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية الحادية عشرة.

وفي ما يلي نص الخطاب الملكي السامي :

“الحمد لله، و الصلاة و السلام على مولانا رسول الله و آله و صحبه.

حضرات السيدات و السادة البرلمانيين المحترمين،

يسعدني أن أخاطبكم اليوم، في افتتاح هذه السنة التشريعية، و من خلالكم مختلف الهيآت و المؤسسات و المواطنين، بخصوص التطورات الأخيرة لملف الصحراء المغربية، بإعتبارها القضية الأولى لجميع المغاربة.

لقد قلت، منذ إعتلائي العرش، أننا سنمر في قضية وحدتنا الترابية، من مرحلة التدبير، إلى مرحلة التغيير، داخلياً و خارجياً، و في كل أبعاد هذا الملف.

ودعوت كذلك للإنتقال من مقاربة رد الفعل، إلى أخذ المبادرة، و التحلي بالحزم و الإستباقية.

وعلى هذا الأساس، عملنا لسنوات، بكل عزم و تأني، و برؤية واضحة، و إستعملنا كل الوسائل و الإمكانات المتاحة، للتعريف بعدالة موقف بلادنا، و بحقوقنا التاريخية و المشروعة في صحرائنا، و ذلك رغم سياق دولي صعب و معقد.

واليوم ظهر الحق، و الحمد لله، و الحق يعلو و لا يعلى عليه، و القضايا العادلة تنتصر دائماً.

قال تعالى : “وقل جاء الحق و زهق الباطل، إن الباطل كان زهوقا”. صدق الله العظيم.

وها هي الجمهورية الفرنسية، تعترف بسيادة المملكة على كامل تراب الصحراء، و تدعم مبادرة الحكم الذاتي، في إطار الوحدة الترابية المغربية، كأساس وحيد لحل هذا النزاع الإقليمي المفتعل.

وبهذه المناسبة، أتقدم بإسمي شخصياً، و بإسم الشعب المغربي، بأصدق عبارات الشكر و الإمتنان، لفرنسا و لفخامة الرئيس إيمانويل ماكرون، على هذا الدعم الصريح لمغربية الصحراء.

إن هذا التطور الإيجابي، ينتصر للحق و الشرعية، و يعترف بالحقوق التاريخية للمغرب، لاسيما أنه صدر عن دولة كبرى، عضو دائم بمجلس الأمن، و فاعل مؤثر في الساحة الدولية.

وذلك بالإضافة إلى أن فرنسا تعرف جيداً، حقيقة و خلفيات هذا النزاع الإقليمي.

كما أنه يأتي لدعم الجهود المبذولة، في إطار الأمم المتحدة، لإرساء أسس مسار سياسي، يفضي إلى حل نهائي لهذه القضية، في إطار السيادة المغربية.

حضرات السيدات و السادة البرلمانيين،

يندرج هذا الموقف الفرنسي في إطار الدينامية الإيجابية، التي تعرفها مسألة الصحراء المغربية، و التي ترتكز على ترسيخ سيادة المغرب على ترابه، و على توسيع الدعم لمبادرة الحكم الذاتي.

وهكذا، فقد تمكنا، و الحمد لله، من كسب إعتراف دول وازنة، و دائمة العضوية في مجلس الأمن، كالولايات المتحدة الأمريكية و فرنسا.

كما نعتز أيضاً بمواقف الدول العربية و الإفريقية الشقيقة، التي تساند، بكل وضوح و التزام، الوحدة الترابية للمملكة، لاسيما تلك التي فتحت قنصليات لها في العيون و الداخلة.

وبموازاة ذلك، تحظى مبادرة الحكم الذاتي، كأساس وحيد للتوصل إلى حل نهائي لهذا النزاع، في إطار سيادة المغرب، بدعم واسع من طرف عدد متزايد من الدول من مختلف جهات العالم.

ونذكر من بينها إسبانيا الصديقة، التي تعرف خبايا هذا الملف، بما يحمله موقفها من دلالات سياسية و تاريخية عميقة، إضافة إلى أغلبية دول الإتحاد الأوروبي.

ويطيب لنا أن نعبر لكل هؤلاء الأصدقاء و الشركاء، عن بالغ تقديرنا لمواقفهم المناصرة لقضية المغرب الأولى.

كما نشكر أيضاً، كل الدول التي تتعامل إقتصادياً و إستثمارياً، مع الأقاليم الجنوبية للمملكة، كجزء لا يتجزأ من التراب الوطني.

وهي بذلك تواكب مسار التنمية، الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية، التي تشهدها الصحراء المغربية، و تعزز موقعها كمحور للتواصل و التبادل بين المغرب و عمقه الإفريقي.

كما تضعها في صلب المبادرات القارية الإستراتيجية، التي أطلقناها، كمشروع أنبوب الغاز المغرب – نيجيريا، و مبادرة الدول الإفريقية الأطلسية، إضافة إلى مبادرة تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي.

حضرات السيدات و السادة البرلمانيين،

رغم كل ما تحقق، فإن المرحلة المقبلة تتطلب من الجميع، المزيد من التعبئة و اليقظة، لمواصلة تعزيز موقف بلادنا، و التعريف بعدالة قضيتنا، و التصدي لمناورات الخصوم.

وفي هذا الإطار، يجب شرح أسس الموقف المغربي، للدول القليلة، التي ما زالت تسير ضد منطق الحق و التاريخ، والعمل على إقناعها، بالحجج و الأدلة القانونية و السياسية و التاريخية و الروحية، التي تؤكد شرعية مغربية الصحراء.

وهو ما يقتضي تضافر جهود كل المؤسسات و الهيآت الوطنية، الرسمية و الحزبية و المدنية، و تعزيز التنسيق بينها، بما يضفي النجاعة اللازمة على أدائها و تحركاتها.

ولا يخفى عليكم، معشر البرلمانيين، الدور الفاعل للدبلوماسية الحزبية و البرلمانية، في كسب المزيد من الإعتراف بمغربية الصحراء، و توسيع الدعم لمبادرة الحكم الذاتي، كحل وحيد لهذا النزاع الإقليمي.

لذا، ندعو إلى المزيد من التنسيق بين مجلسي البرلمان بهذا الخصوص، و وضع هياكل داخلية ملائمة، بموارد بشرية مؤهلة، مع إعتماد معايير الكفاءة و الإختصاص، في إختيار الوفود، سواء في اللقاءات الثنائية، أو في المحافل الجهوية و الدولية.

حضرات السيدات و السادة البرلمانيين،

إن ما حققناه من مكاسب، على درب طي هذا الملف، وما تعرفه أقاليمنا الجنوبية من تنمية إقتصادية و إجتماعية، كان بفضل تضامن جميع المغاربة، و تضافر جهودهم، في سبيل ترسيخ الوحدة الوطنية و الترابية.

ولا يفوتنا هنا، أن نشيد بالجهود التي تبذلها الدبلوماسية الوطنية، و مختلف المؤسسات المعنية، و كل القوى الحية، و جميع المغاربة الأحرار، داخل الوطن و خارجه، في الدفاع عن الحقوق المشروعة لوطنهم، و التصدي لمناورات الأعداء.

كما نعبر عن شكرنا و تقديرنا، لأبنائنا في الصحراء، على و لائهم الدائم لوطنهم، و على تشبثهم بمقدساتهم الدينية و الوطنية، و تضحياتهم في سبيل الوحدة الترابية للمملكة و إستقرارها.

وفي الختام، نؤكد أن المغرب سيظل دائماً حازماً في موقفه، وفيا لنهج الإنفتاح على محيطه المغاربي و الجهوي، بما يساهم في تحقيق التنمية المشتركة، و الأمن و الإستقرار لشعوب المنطقة.

قال تعالى : “يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم و يثبت أقدامكم”. صدق الله العظيم.

والسلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق