الرئيسية

الشواطئ المغربية الجميلة تحت ضغط الإستجمام العشوائي خلال فصل الصيف.. هل من حلول مستدامة و عادلة؟

هومبريسع ورديني 

مع بداية فصل الصيف، تتكرر ظاهرة نصب الخيام بشكل عشوائي على الشواطئ المغربية، لتتحول بعض الفضاءات الساحلية إلى تجمعات مؤقتة تفتقر إلى التنظيم والمراقبة، وتُثير جدلًا واسعًا بين من يعتبرها وسيلة للراحة والخصوصية، ومن يرى فيها تعديًا صارخًا على جمالية الشواطئ وحق الجميع في الاستجمام في فضاء عمومي مفتوح.

ورغم تدخلات السلطات المحلية لتحرير الملك العمومي البحري من هذه المظاهر غير القانونية، إلا أن الظاهرة ما تزال قائمة، ما يطرح تساؤلات حقيقية حول فعالية التدابير المتخذة، وغياب بدائل منظمة تُراعي البعد الاجتماعي والبيئي، وتُوفر حلولًا عملية للمصطافين.

الخيام المنصوبة بشكل غير منظم تُشوّه المنظر العام، وتُعيق حركة المصطافين، وتُساهم في تراكم النفايات، خاصة البلاستيكية منها، ما يُهدد التوازن البيئي البحري ويُؤثر سلبًا على التنوع البيولوجي في المناطق المحاذية للكثبان الرملية والغطاء النباتي الهش.

كما أن نصبها فوق الغطاء النباتي الهش يُلحق أضرارًا بالتربة الساحلية، ويُحول بعض الشواطئ إلى فضاءات مزدحمة تُفتقر إلى شروط النظافة والسلامة، مما يُقلل من جاذبيتها السياحية ويُؤثر على جودة تجربة الاستجمام لدى الزوار.

في المقابل، يرى البعض أن هذه الخيام تُوفر ملاذًا للأسر ذات الدخل المحدود، وتُتيح قدرًا من الخصوصية بعيدًا عن الازدحام وتكاليف كراء المظلات أو الإقامة في الفنادق، خاصة في ظل ارتفاع الأسعار خلال موسم الصيف.

هذا البُعد الاجتماعي يستدعي مقاربة متوازنة تُراعي العدالة المجالية، من خلال تخصيص فضاءات مجانية أو منخفضة التكلفة تُراعي شروط السلامة والنظافة، وتُحترم فيها البيئة البحرية، مع ضمان ولوج منظم وعادل لجميع المواطنين.

تنظيم هذه الظاهرة بات ضرورة ملحة، ويُمكن تحقيق ذلك عبر وضع نظام ترخيص واضح يُحدد مدة الاستغلال، وحجم الخيمة، وموقعها، مع إشراك الجماعات المحلية والجمعيات البيئية في جهود التحسيس والتوعية، وتفعيل آليات المراقبة الميدانية.

كما يُمكن إطلاق حملات موسعة لتثقيف المصطافين حول أهمية احترام الملك العمومي البحري، والآثار السلبية التي تُخلّفها الممارسات العشوائية على البيئة والسياحة، مع توزيع مطويات إرشادية وتوفير لوحات توجيهية بالشواطئ.

من جهة أخرى، يُمكن للسلطات المحلية أن تُطوّر تطبيقات رقمية تُتيح للمصطافين حجز مواقع مخصصة لنصب الخيام بطريقة منظمة، مما يُقلل من الفوضى ويُعزز من تجربة الاستجمام، ويُوفر قاعدة بيانات تُساعد في التخطيط والتدبير.

كما يُمكن إدماج الشباب في برامج موسمية لتأطير وتنظيم الفضاءات الساحلية، بما يُوفر فرص عمل مؤقتة ويُعزز من الوعي البيئي لدى الجيل الجديد، ويُرسّخ ثقافة المواطنة البيئية والمسؤولية الجماعية.

الرهان اليوم لا يقتصر على تحرير الشواطئ من الفوضى، بل على تحويلها إلى فضاءات مستدامة تُراعي التوازن بين الحرية الفردية وحق الجماعة في الاستمتاع ببيئة نظيفة وآمنة، وتُعزز من جاذبية السياحة الداخلية.

فالشاطئ ليس فقط مكانًا للراحة، بل هو ملك جماعي يستحق الحماية والتدبير الرشيد، ويُمثل واجهة بيئية وسياحية يجب الحفاظ عليها للأجيال القادمة، عبر سياسات عمومية مندمجة تُراعي البعد الاجتماعي والبيئي والاقتصادي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق