الرئيسية

قانون الصحافة الجديد بين دعم الأغلبية و تحفظات المعارضة.. هل يتحقق التوازن المؤسساتي و المهني؟

هومبريسع ورديني 

في لحظة تشريعية فارقة، احتدم النقاش داخل لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب حول مشروع القانون رقم 26.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، حيث تباينت المواقف بين فرق الأغلبية التي اعتبرته خطوة ضرورية لتعزيز التنظيم الذاتي للمهنة، وفرق المعارضة التي أبدت تحفظات على بعض بنوده، معتبرة أنها قد تُقيد التعددية وتُضعف استقلالية المجلس.

الأغلبية البرلمانية رأت في المشروع فرصة لتقوية صلاحيات المجلس، وتمكينه من أداء مهامه في تأطير المهنة واحترام أخلاقياتها، خاصة في ظل التحديات المهنية والاقتصادية التي تواجه الصحافة المغربية. 

في المقابل، عبّرت المعارضة عن قلقها من إدراج تعيين مندوب حكومي داخل المجلس ومنح سلطات تأديبية قد تُستخدم بشكل غير متوازن، داعية إلى ضمانات صريحة لحماية حرية التعبير وتعزيز استقلالية المؤسسة.

المشروع الجديد يُحدث تغييرات بنيوية مهمة، أبرزها تقليص عدد أعضاء المجلس من 21 إلى 17 عضوًا، وتوسيع صلاحياته عبر إحداث سجلات خاصة بالصحافيين والناشرين، وتحديد آجال واضحة لإبداء الرأي في مشاريع القوانين والمراسيم، مع إلزام المجلس بنشر ميثاق الأخلاقيات والأنظمة في الجريدة الرسمية.

كما تم تخفيض شرط الأقدمية للترشح إلى عشر سنوات بدلًا من خمس عشرة، وإحداث لجنة إشراف مستقلة لضمان نزاهة الانتخابات والانتداب.

في سياق متصل، شددت فرق برلمانية على ضرورة مواكبة هذا الإصلاح بتدابير اجتماعية ومهنية، مثل توفير عقود عمل عادلة، واحترام قانون الشغل، وتوسيع الحماية الاجتماعية للصحافيين، بما يضمن ممارسة المهنة في بيئة آمنة ومستقلة. 

كما طالبت بإشراك أوسع للمهنيين والمجتمع المدني في صياغة التعديلات، تفاديًا لأي مقاربة فوقية تُعيد إنتاج اختلالات سابقة.

من جهة أخرى، اعتبر بعض النواب أن المشروع يُشكل فرصة لإعادة بناء الثقة بين الصحافيين والمؤسسات، وتجاوز الأزمات التي عرفها المجلس في نسخته الأولى، خاصة بعد تعذر تجديد هياكله في الآجال القانونية، وما ترتب عن ذلك من فراغ مؤسساتي تم تجاوزه بإحداث لجنة مؤقتة لتسيير القطاع.

هذا المشروع، رغم الجدل المثار حوله، يُعد خطوة نحو ترسيخ التنظيم الذاتي للصحافة في المملكة المغربية، ويُجسد سعيًا لتطوير الإطار القانوني بما يتماشى مع التحولات الرقمية، والتحديات الأخلاقية، والتطلعات الديمقراطية. 

نجاحه سيعتمد على مدى التوافق حول مضامينه، وقدرته على تحقيق التوازن بين الحرية والمسؤولية، وبين الاستقلالية والرقابة المهنية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق