
هومبريس – ح رزقي
كشفت دراسة حديثة عن تأثيرات ضارة للجزيئات البلاستيكية الدقيقة، و خاصة تلك الناتجة عن عبوات الطعام، على الخلايا الوعائية مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب.
وقد أظهرت النتائج أن تعرض الأوعية الدموية لهذه الجزيئات يمكن أن يتسبب في تلفها، مما يثير مخاوف كبيرة حول سلامة الإنسان.
إنتشار الجزيئات البلاستيكية في البيئة
أصبحت الجزيئات البلاستيكية الدقيقة جزءاً لا يتجزأ من بيئتنا، حيث تنتج من مصادر مختلفة مثل عبوات الطعام، المنسوجات، و النفايات الصناعية.
وقد تم إكتشاف هذه الجزيئات في دم الإنسان، الرئتين، و حتى القلب، مما يزيد من القلق بشأن تأثيراتها الصحية المحتملة.
الأدلة العلمية و المخاوف الصحية
ربطت دراسات سابقة بين الجزيئات البلاستيكية الدقيقة و بين الإجهاد التأكسدي، الإلتهابات، و تلف الأنسجة.
ومع ذلك، يبقى دورها المباشر في أمراض القلب غير واضح.
في وقت سابق، اكتشف الباحثون جزيئات بلاستيكية دقيقة في شرايين مرضى خضعوا لعمليات جراحية، مما أثار مخاوف من أن هذه الملوثات قد تساهم في تصلب الشرايين و أمراض الأوعية الدموية الأخرى.
فهم الآليات الكامنة
ركزت الدراسة الحديثة على استكشاف تأثير الجزيئات البلاستيكية الدقيقة، بما في ذلك تلك التي تتحلل طبيعياً بفعل أشعة الشمس و التعرض البيئي، على خلايا العضلات الملساء الوعائية التي تلعب دوراً حيوياً في الحفاظ على صحة الأوعية الدموية.
التجارب العلمية المكثفة
قام فريق من العلماء الإيطاليين بدراسة خلايا العضلات الملساء للشرايين التاجية البشرية التي تعرضت للبولي إيثيلين و البولي ستايرين، و هما نوعان شائعان من البلاستيك المستخدم في عبوات الطعام.
تم اختبار الجزيئات البلاستيكية في حالتها “الخام” و بعد تعرضها للتحلل البيئي.
النتائج الرئيسية
أظهرت النتائج أن التعرض للجزيئات البلاستيكية الدقيقة أثر بشكل كبير على خلايا العضلات الملساء في الأوعية الدموية، مما أدى إلى تغيرات ضارة بصحة القلب.
تمت ملاحظة انخفاض في بقاء الخلايا في جميع المجموعات المعرضة للجزيئات البلاستيكية، و كانت الجزيئات المتحللة بيئياً هي الأكثر تأثيراً.
مؤشرات الإجهاد الخلوي
ارتفعت مؤشرات الإجهاد الخلوي و موت الخلايا المبرمج، حيث زادت مستويات p53 و BMF بشكل ملحوظ في الخلايا المعرضة للجزيئات البلاستيكية، مما يشير إلى أن الجزيئات البلاستيكية قد تعزز الموت الخلوي المبرمج.
السمية الخلوية و تصلب الشرايين
أكدت إختبارات السمية الخلوية أن الجزيئات البلاستيكية تسببت في تلف الأغشية الخلوية، حيث ارتفعت مستويات اللاكتات ديهيدروجيناز في العينات المعالجة.
أظهرت التجارب أيضاً أن التعرض للجزيئات البلاستيكية زاد من حركة خلايا العضلات الملساء، و هي عملية مرتبطة بتصلب الشرايين.
التحول نحو الحالة المرضية
أظهرت الخلايا التي تعرضت للجزيئات البلاستيكية، خاصة البولي ستايرين المتدهور، زيادة في الحركة، مما يشير إلى تحول نحو حالة مرضية.
وأكد تحليل الفلورة المناعية هذه التغييرات، حيث تم ملاحظة انخفاض مستويات α-smooth muscle actin و زيادة galectin-3 و RUNX-2.
خلاصة الدراسة
استنتجت الدراسة أن الجزيئات البلاستيكية الدقيقة ليست مجرد خطر بيئي، بل تشكل تهديداً جدياً لصحة القلب.
أظهرت كيف يمكن لهذه الجزيئات، خاصة الناتجة عن عبوات الطعام، أن تسبب تغييرات ضارة في الخلايا الوعائية، مما قد يؤدي إلى تصلب الشرايين و أمراض القلب الأخرى.
التوصيات و الإجراءات المستقبلية
تشير هذه النتائج إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من التعرض للجزيئات البلاستيكية الدقيقة.
ينبغي على الحكومات و الشركات و الجهات المعنية تبني سياسات تقلل من إستخدام البلاستيك و تحسين إدارة النفايات البلاستيكية للحد من التأثيرات السلبية على الصحة العامة و البيئة.