
هومبريس – ح رزقي
آلام الظهر، التي تُعد واحدة من أكثر المشكلات الصحية إنتشاراً على مستوى العالم، تطرح تحديات جدية عندما يتعلق الأمر بالعثور على العلاجات الأكثر فعالية.
دراسة شاملة أجرتها جامعة نيو ساوث ويلز الأسترالية عمقت فهمنا لهذه المشكلة، من خلال تحليل نتائج 301 تجربة سريرية في 44 دولة، تضمنت 56 نوعاً مختلفاً من العلاجات غير الجراحية.
اللافت أن 10% فقط من هذه العلاجات أثبتت فعاليتها بشكل ملموس، في حين لم تقدم الأغلبية الأخرى فائدة تُذكر.
عند الحديث عن الآلام الحادة التي تتسم بقصر مدتها و شدتها الملحوظة، أظهرت مضادات الإلتهاب غير الستيرويدية مثل الإيبوبروفين تفوقها كعلاج فعال.
أما بالنسبة للآلام المزمنة، و التي تستمر لفترات طويلة مع حدة أقل، فقد أبانت علاجات مثل التمارين الرياضية، و تقنيات تعديل العمود الفقري، و الشريط اللاصق الحركي، عن آثار إيجابية محدودة، دون أن تصل لحدود التأثير الكبير.
لكن بشكل عام، بدا أن الفعالية محدودة جداً، حيث لم تتجاوز معظم الأدوية التأثير الناتج عن العلاج الوهمي.
وتتميز غالبية حالات آلام الظهر بأنها “غير محددة السبب”، ما يعني غياب تفسير طبي دقيق لها.
وهنا، يظهر قصور واضح في قدرة أدوية مثل التخدير أو المضادات الحيوية على تقديم أي فائدة.
في المقابل، كانت مضادات الإلتهاب غير الستيرويدية هي الحل الأكثر وضوحاً لهذه الحالات.
آراء الخبراء عززت الحاجة إلى إتباع منهج علاجي متكامل يأخذ في الإعتبار العوامل النفسية و الإجتماعية التي تؤثر على شدة الألم، كالتوتر، والعزلة، و الصدمات.
التمارين الرياضية المنتظمة، الدعم النفسي، و العلاج الطبيعي يُعَدُّ مزيجاً ضرورياً في مواجهة هذه المشكلة الصحية الشائعة.
وقد أكدت الأبحاث أيضاً أن بناء علاقة تشاركية بين المريض و مقدمي الرعاية الصحية يُساهم في تحسين جودة الحياة و إدارة الألم بشكل فضل.
الدراسة شددت على أنه لا يوجد علاج واحد يمكن أن يُشكل الحل النهائي لآلام الظهر.
الحل يكمن في إستراتيجية علاجية متعددة العناصر تجمع بين العناية الطبية، تحسين نمط الحياة، و الدعم النفسي و الإجتماعي، مما يتيح للمرضى التعامل بفعالية مع الألم و تحسين حياتهم اليومية.
تشير الدراسات الحديثة إلى أن التوعية الصحية يمكن أن تلعب دوراً حاسماً في تقليل آلام الظهر و تحسين نوعية حياة الأفراد.
فمن خلال تعزيز الوعي بأهمية الوقاية، مثل تبني وضعيات الجلوس السليمة و ممارسة التمارين المناسبة لتقوية العضلات، يمكن تقليل مخاطر الإصابة بهذه المشكلة الشائعة.
كما أن توفير برامج توعوية تركز على أهمية الإدارة الذاتية للألم قد يساهم بشكل كبير في تمكين المرضى من التعامل بفعالية أكبر مع حالتهم و تحقيق تحسن مستدام.