الرئيسية

من الأرقام إلى الواقع.. كيف يُعيق الفساد تقدم جنوب إفريقيا؟

هومبريسج السماوي 

سلّطت منظمة “كورابشن واتش” الضوء في تقريرها السنوي الثالث عشر بعنوان “معاً مسؤولون” على تفشي الفساد بصورة مقلقة داخل المؤسسات بجنوب إفريقيا، مستعرضة أبرز التحديات التي تواجه البلاد في هذا الصدد.

وبحسب التقرير، لا تزال القطاعات الحيوية مثل الشرطة، والأعمال، والتعليم، والمؤسسات العامة تعاني من اختلالات هيكلية تُعيق التنمية وتضعف الثقة في النظام الإداري والحكومي.  

وأفادت المنظمة بأنها تلقت 546 شكاية مرتبطة بالفساد خلال العام الماضي، مشيرة إلى أن سوء الإدارة تصدّر أنواع المخالفات بنسبة 34%، يليه التزوير بنسبة 21%، ثم تجاوزات في التوظيف بـ16%، والابتزاز بـ15%، وأخيراً انتهاكات في منح الصفقات بنسبة 13%. هذه الأرقام تُبرز مدى تغلغل الفساد كمشكلة هيكلية تؤثر على مختلف القطاعات.  

من جهتها، حذّرت مويرا كامبل، المسؤولة في المنظمة، من خطورة ما وصفته بـ”الاستيلاء على الدولة”، حيث أصبحت وزارات ومؤسسات بأكملها رهينة لسيطرة منظمات إجرامية. 

وأضافت أن غياب المساءلة عن هذه الممارسات أدى إلى تعميق الأزمة، مشيرة إلى أن استمرار تجاهل المسؤولية يرسخ الاعتقاد بأن الفساد يُتسامح معه، مما يُفضي إلى تدهور الأوضاع.  

وتشير النتائج إلى أن هذا الوضع أضرّ بالخدمات العامة وزاد من ضعف الثقة في المؤسسات. كما أظهر مؤشر إدراك الفساد، وفق منظمة “ترانسبرنسي الدولية”، أن جنوب إفريقيا ما زالت تتأرجح عند مستوى متدنٍ، رغم كثرة الوعود واللجان المخصصة لمعالجة هذه الظاهرة، حيث بقيت الإجراءات مجرد خطط دون تنفيذ.  

في ذات السياق، أكد وزير الوظيفة العمومية والإدارة، إنكوسي مزامو باتيليزي، أن الفساد أصبح بمثابة تهديد لبنية الديمقراطية ومستقبل البلاد. 

ووصف الفساد بأنه “عمل وحشي” يقوّض حقوق المواطنين، مشيراً خلال الحوار الوطني حول الفساد إلى أن تأثيراته الكارثية تظهر بوضوح في ضعف الحوكمة وإهدار ثقة المواطنين بقياداتهم.  

من الضروري أن تدرك جنوب إفريقيا أن التصدي للفساد يتطلب خطوات عملية وليس مجرد وعود أو لجان تحقيق شكلية. 

تعزيز الشفافية والرقابة داخل المؤسسات، إلى جانب تطبيق قوانين صارمة تُحاسب المسؤولين الفاسدين، يمكن أن يساعد في استعادة الثقة بين المواطنين والحكومة.

فالفشل في معالجة هذه الظاهرة يقوّض كل جهود التنمية ويخلق بيئة غير مستقرة تؤثر سلباً على جودة الخدمات المقدمة، بدءاً من التعليم وصولاً إلى الأمن العام.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق