
هومبريس
إستمراراً للمواقف التي عبرت عنها الفيدرالية المـــغربية لناشري الصحف، و بعد بلاغ مكتبها التنفيذي الأخير بتاريخ : 31 يناير 2025، عقد رؤساء الفروع الجهوية للفيدرالية إجتماعاً تشاورياً ترأسه رئيس الفيدرالية و أعضاء من المكتب التنفيذي، و خصص لتطورات المنظومة الجديدة للدعم العمومي للصحافة و النشر، و المستجد المرتبط بسعي الوزارة الوصية لإبرام ما أسمته : (إتفاقية شراكة من أجل دعم الصحافة الجهوية) مع مجالس الجهات، و إحالة الموضوع بكامله عليها.
وقد عرض رؤساء فروع الفيدرالية كل المعطيات المتوفرة بشأن هذا المستجد، و قدموا تفاصيل ميدانية من كل الجهات الإثني عشر بالمملكة، و بعد مناقشة مستفيضة و مسؤولة فيما بينهم، شملت سياق و توقيت و مسطرة و مضمون هذه الخطوة الإنفرادية الجديدة من لدن وزارة التواصل، يعبر رؤساء الفروع الجهوية للفيدرالية المغربية لناشري الصحف عن المواقف التالية :
– إستمرار وزارة التواصل في الإنفراد بالقرار و إقصاء الفيدرالية من أي حوار أو تشاور، و ذلك بالرغم من كونها المنظمة المهنية الوحيدة لناشري الصحف التي لديها فروع في كل الجهات، وتؤطر الأغلبية الساحقة لمقاولات الصحافة الجهوية، و ذلك في تبخيس فظيع لمبدأ المقاربة التشاركية التي ينص عليها الدستور.
– غموض محتوى مشروع الإتفاقية المعروض من لدن الوزارة على مجالس الجهات، حتى أن عدداً من هذه الهيئات المنتخبة وجدت صعوبة في التداول بين أعضائها و إتخاذ القرار اللازم، والذي من شأنه خلق توترات محلية مجانية.
كما أن خطوة الوزارة تكشف عن تنصلها التام من المسؤولية تجاه الصحافة الجهوية و إخراجها بوضوح من منظومة الدعم العمومي رغم أن المرسوم الحكومي للدعم ينص على كون هذه الصحافة الجهوية جزء لا يتجزأ من المنظومة، و هذا سلوك مستفز و تراجعي و مخيب للآمال.
– لقد سبق للفيدرالية المغربية لناشري الصحف أن نجحت في بلورة إتفاقيات شراكة و تعاون بين فروعها و عدد من مجالس الجهات (طنجة، الداخلة، أگادير) و أخرى كانت في طور الإعداد، لكن وزير القطاع تدخل و أوقف تنفيذها بمبررات بيروقراطية غير مقنعة، و اليوم اتضح أنه استثمر فكرة ومجهود الفيدرالية وأعاد “تدويره”، مضيفاً إليه شروطاً تعجيزية و حسابات إنتخابوية فجة، و كل هذا ما فتئنا ننبه إلى كونه لعبا صبيانيا لن يفيد القطاع في شيء.
– إن المشروع الذي عرضته الوزارة على مجالس الجهات يقترح مبالغ هزيلة كدعم جهوي، و هو ما يجعله أقل حتى من الدعم الجزافي الذي استفادت منه بعض مقاولات الصحافة الجهوية، علاوة على الإلتباس في مصادر التمويل، وفي ضمانات الاستدامة في المستقبل.
– والأكثر من هذا أن هذا المشروع المخالف لمرسوم الدعم ينص على تقييد المقاولات الصحفية بالتسويق للجهات، و بالتالي إعتبار ذلك معياراً و شرطاً للإستفادة، ما يحول الأمر من دعم للقراءة إلى رهن للصحافة للتحول إلى مجرد وكالات إعلان و دعاية، و فتح الباب لتصفية حسابات إنتخابوية في الجهات، وتهديد حرية الصحافة و تعدديتها.
بل إن لجنة التتبع المقترحة يغيب عنها المهنيون وتنفرد الوزارة ومجلس الجهة بعضوية اللجنة التي تترأسها الوزارة، و هذا ضرب آخر للمقاربة التشاركية، و تراجع كبير عما كان يجري به العمل من قبل بشأن الدعم العمومي للصحافة.
وتبعاً لكل ما سبق، ندعو مجالس الجهات و السلطات الترابية الوصية إلى عدم التسرع في مجاراة الوزارة في هذه الخطوة كما تضمنها المشروع المعروض الآن، و الحرص على دفع الوزارة و الحكومة لتتحمل كل مسؤوليتها القانونية و المالية و التنظيمية تجاه الصحافة الجهوية بإعتبارها جزء لا يتجزأ من الصحافة الوطنية.
إن مقاولات الصحافة الجهوية، و جزء كبير من مقاولات الصحافة الوطنية، هي مقاولات صغرى ومتوسطة، و أيضاً صغيرة جداً، و يجب الحديث عنها بهذا الشكل، ووذلك على غرار شبيهتها بباقي القطاعات الإقتصادية، ووالتفكير في سبل تعزيز مساهمتها في النمو الإقتصادي، ووإحداث آليات مؤسساتية لدعمها، و إسناد توازنها المالي و إستقرارها الإقتصادي، و حماية مناصب الشغل فيها و خلق مناصب أخرى جديدة.
وفي السياق نفسه، سجل رؤساء الفروع إمعان اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون الصحافة، من جهتها، في فرض إجراءات و مساطر معقدة لتجديد البطاقة المهنية، و أحياناً فرض وثائق غير منصوص عليها في القانون كالوثائق الجبائية، و كل هذا ساهم في خلق توترات هامشية، تسببت فيها إجراءات بيروقراطية معقدة من دون سند في القوانين الجاري بها العمل، و تحول الأمر إلى عراقيل من شأنها قتل هذه المقاولات الجهوية و تشريد أجرائها.
إننا نجدد التأكيد على أن إغلاق باب الحوار و الدوس على المقاربة التشاركية الحقيقية، و إقصاء الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، و هي التي وقعت أول مرة على منظومة الدعم العمومي بالمغرب وباقي الإصلاحات الأخرى مع السلطات العمومية، و إبعادها اليوم عن كل تشاور مسبق، و تغييب معظم الصحافة الجهوية و المقاولات الصغرى و المتوسطة، يجعل كل القرارات الأحادية المعلنة و المفروضة بلا أي شرعية، و بلا أي مقومات تؤمّن إصلاحاً حقيقياً لقطاع مأزوم.
ولهذا تدعو الفيدرالية الوزارة المعنية و الحكومة و رئيسها لتحمل مسؤوليتهم و التدخل لتصحيح هذا المسار، و أن تبتعد اللجنة المؤقتة عن الإجراءات المعقدة و غير القانونية في عملية تجديد البطاقة المهنية، و ألا تتدخل في علاقات المقاولات مع المصالح و الإدارات الأخرى لكون ذلك ليس من إختصاصها قانوناً و منطقاً، و أن تبدي موقفها من منظومة الدعم العمومي الخطيرة وغير المنصفة، و أن تكون سنداً في ذلك للمقاولات الصحفية و أن تسرع في إجراءات الإعداد لإنتخابات مجلس وطني شرعي كما هو منصوص عليه في القانون المحدث لها.