
هومبريس – ح رزقي
كشفت دراسة حديثة أن التلوث البيئي، و خاصة تلوث التربة و المياه، يشكل تهديداً خطيراً لصحة الإنسان، حيث يرتبط بشكل مباشر بإنتشار الأمراض غير المعدية، و على رأسها أمراض القلب و الأوعية الدموية.
ونُشرت هذه الدراسة في مجلة “تصلب الشرايين” (Atherosclerosis)، مسلطة الضوء على تأثير المعادن الثقيلة، و المواد الكيميائية الصناعية، و الجسيمات البلاستيكية الدقيقة على صحة الإنسان.
ووفقًا للبحث، فإن الأمراض المرتبطة بالتلوث تمثل نسبة كبيرة من إجمالي الأمراض غير المعدية، حيث تشكل أمراض القلب وحدها 60% من الحالات، و هو ما يفسر الزيادة الملحوظة في معدل الإصابة بهذه الأمراض على مستوى العالم.
كما تشير الإحصاءات إلى أن 9 ملايين حالة وفاة مبكرة حدثت عام 2019 بسبب التلوث، إلى جانب فقدان 268 مليون سنة من العمر نتيجة الإعاقة أو الوفاة المبكرة، و هو رقم يسلط الضوء على التأثير المدمر لهذا التلوث على الصحة العامة.
المواد السامة التي تتسرب إلى البيئة مثل الزرنيخ، الرصاص، الكادميوم، و الزئبق تتسبب في إضطرابات خطيرة تشمل مشاكل النمو العصبي، السرطان، و أمراض القلب.
أما الجزيئات البلاستيكية الدقيقة، التي تنتج عن تحلل البلاستيك في البيئة، فتؤدي إلى تراكمها داخل الشرايين، مما يزيد من خطر الإصابة بمشاكل القلب، إلى جانب تأثيراتها السلبية على الخصوبة و الغدة الدرقية.
ولا يتوقف تأثير التلوث على الصحة فحسب، بل يمتد ليؤثر على التوازن البيئي، حيث يضعف قدرة التربة على تخزين الكربون، و يدمر الأنظمة البيئية و السلاسل الغذائية، مما يهدد التنوع الحيوي و يعزز تفاقم أزمة المناخ العالمية.
هذه النتائج تؤكد الحاجة إلى تبني إجراءات صارمة للحد من التلوث البيئي و حماية الصحة العامة، حيث يتطلب الأمر إستراتيجيات شاملة لمعالجة هذه المشكلة المتفاقمة قبل أن تتسبب في المزيد من الأضرار الصحية و البيئية.
إلى جانب التأثير الصحي و البيئي، يحمل التلوث تداعيات إقتصادية و إجتماعية عميقة، حيث يؤدي إلى إرتفاع تكاليف الرعاية الصحية نتيجة إنتشار الأمراض المزمنة، كما يهدد الإنتاج الزراعي بسبب تدهور جودة التربة و المياه.
هذه العوامل تجعل معالجة أزمة التلوث ضرورة ملحة، ليس فقط للحفاظ على صحة الإنسان، و لكن أيضاً لضمان إستدامة الموارد الطبيعية و تعزيز النمو الإقتصادي القائم على بيئة سليمة.