
هومبريس – ح رزقي
في خطوة تعكس موقفاً سياسياً واضحاً، أعلنت جزر المالديف عن حظر دخول حاملي جوازات السفر الإسرائيلية إلى أراضيها، تعبيراً عن تضامنها مع الشعب الفلسطيني في ظل الإعتداءات المستمرة التي يتعرض لها.
جاء هذا القرار بعد مصادقة الرئيس محمد مزّو على تعديل قانون الهجرة، عقب موافقة مجلس الشعب، البرلمان الوطني للبلاد.
أكدت الرئاسة المالديفية أن هذا الإجراء جاء رداً على ما وصفته بـ”الفظائع المستمرة و أعمال الإبادة الجماعية” التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين، مشددة على أن القرار يعكس التزام الحكومة بالدفاع عن حقوق الفلسطينيين، و ضرورة محاسبة إسرائيل على إنتهاكاتها للقانون الدولي.
جددت المالديف موقفها الداعم لإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود ما قبل عام 1967، بما يشمل القدس الشرقية كعاصمة لها، وفقاً لقرارات الأمم المتحدة و المواثيق الدولية.
وتشمل هذه الحدود الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، و هي أراضٍ إحتلتها إسرائيل خلال حرب الأيام الستة عام 1967، و تُعد أساساً لأي حل سياسي قائم على حل الدولتين.
لم يكن قرار الحظر مفاجئاً، بل جاء تتويجاً لمسار طويل من النقاشات و المداولات داخل المؤسسات التشريعية في المالديف.
فقد بدأ الحزب الديمقراطي المالديفي المعارض بطرح مقترح القانون لأول مرة في ماي 2023، بهدف إتخاذ موقف واضح تجاه السياسات الإسرائيلية.
وعلى مدار 300 يوم، شهد المقترح سلسلة من المداولات و التعديلات داخل البرلمان، حيث خضع لدراسة معمقة قبل أن تتم المصادقة عليه رسمياً، ليصبح بذلك قراراً نافذاً يعكس التوجه السياسي للبلاد.
وفي دجنبر 2023، أصدرت إسرائيل تحذيراً لمواطنيها من السفر إلى المالديف، مشيرة إلى “تصاعد الأجواء المعادية لإسرائيل”، على خلفية المواقف الرسمية المالديفية و تصاعد موجة الغضب العالمي من العدوان المستمر على غزة.
تشير الإحصائيات إلى أن عدد الزوار الإسرائيليين إلى المالديف بلغ حوالي 11 ألف شخص خلال عام 2024، أي ما يعادل 0.6% فقط من إجمالي عدد السياح.
أما في فبراير 2025، فانخفض العدد إلى 59 شخصاً فقط، مما يعكس تراجعاً كبيراً في الإقبال نتيجة التوترات السياسية.
يأتي هذا القرار في ظل تصاعد الغضب الشعبي والرسمي حول العالم بسبب ما تتعرض له غزة من دمار ممنهج، خاصة بعد القصف الإسرائيلي الذي دمر مستشفى المعمداني في غزة، و الذي كان يُعد آخر مستشفى يعمل بكامل طاقته في القطاع.
كما تتواصل الدعوات لوقف الحرب، حتى من داخل إسرائيل نفسها، حيث وقع ألف جندي من قوات الإحتياط في سلاح الجو الإسرائيلي على رسالة تطالب بإنهاء الحرب من أجل إعادة الأسرى المحتجزين في غزة.
إلى جانب التأثير السياسي و الدبلوماسي لهذا القرار، فإن حظر دخول الإسرائيليين إلى المالديف قد يلقي بظلاله على العلاقات الإقتصادية، خاصة في مجال السياحة.
فرغم أن السياحة الإسرائيلية تمثل نسبة ضئيلة من إجمالي الزوار، إلا أن القرار قد يدفع شركات السفر العالمية إلى إعادة تقييم وجهاتها و يؤثر على تدفقات السياح في المنطقة.
كما يعكس هذا الموقف توجهاً أوسع لبعض الدول نحو إتخاذ إجراءات سياسية صارمة تعكس تضامنها مع القضية الفلسطينية، و هو ما قد يؤدي إلى تغييرات في المشهد الدبلوماسي و العلاقات الدولية بين المالديف و الدول التي تتبنى سياسات مماثلة.