
حميد رزقي
احتشد مئات العمال والعاملات والمواطنين صباح الخميس فاتح ماي 2025، في شوارع مدينة بني ملال، استجابة لدعوة الاتحاد الإقليمي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، لتخليد عيد الشغل الأممي بمسيرة عمالية وشعبية رفعت شعارات غاضبة ضد الأوضاع الاجتماعية المتردية، وضد السياسات الحكومية التي اعتبروها “لاشعبية ولا ديمقراطية”.
وانطلقت المسيرة من ساحة المسيرة، وجابت الشوارع الرئيسية للمدينة، حيث دوّت أصوات المتظاهرين بشعارات تستنكر غلاء الأسعار وتدهور القدرة الشرائية، والتضييق على الحريات النقابية، والتماطل في تنفيذ الاتفاقات الاجتماعية، وتمرير قانون الإضراب المثير للجدل. كما رفع المشاركون لافتات تدعو لاحترام قانون الشغل والتصدي لما وصفوه بـ”جشع المشغلين وتجاوزاتهم”.
في كلمة ألقاها خلال المهرجان الخطابي الختامي، قال محمد حطاطي، الكاتب الإقليمي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل ببني ملال، إن الاحتفال بعيد العمال يأتي هذه السنة في سياق دولي قاتم، يتميز بـ”استمرار حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني الأعزل”، واستنكر بشدة “مسلسل التطبيع مع الكيان الصهيوني”، معتبرا أن هذا التطبيع “طعنة في ظهر القضايا العادلة للشعوب”.
وعلى المستوى الوطني، حمّل حطاطي الحكومة مسؤولية استهداف مكتسبات الطبقة العاملة وشرائح واسعة من المجتمع عبر “سياسات التقشف وضرب الحقوق الاجتماعية”، مجددا رفض الكونفدرالية لما أسماه بـ”الاختيارات اللاشعبية واللاديمقراطية التي ترهن مستقبل البلاد”.
أما على المستوى المحلي، فقد استعرض حطاطي جملة من الملفات الاجتماعية العالقة، وعلى رأسها أوضاع عمال قطاع الأمن الخاص، وعمال النظافة والطبخ بالمؤسسات التعليمية، والمشاكل المرتبطة بقطاع الصحة، خاصة داخل المستشفى الجهوي، إضافة إلى الانتهاكات المسجلة في حق الحريات النقابية في القطاع الخاص.
اللافت في مسيرة فاتح ماي هذه السنة ببني ملال، كان الحضور النوعي لممثلي عدد من الهيئات السياسية والحقوقية الذين أبدوا تضامنهم مع مطالب الكونفدرالية ومع نضالات الشغيلة، وهو ما أعطى للمسيرة طابعًا وحدويًا ورسالة سياسية واضحة بأن المطالب الاجتماعية لا تنفصل عن المعركة من أجل الديمقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
وسط هذه الأجواء المشحونة، جددت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل دعوتها إلى “رص الصفوف وتوسيع جبهة النضال من أجل الدفاع عن الحقوق وصون المكتسبات”، مؤكدة أن عيد العمال هذه السنة ليس مجرد محطة احتفالية، بل صرخة جماعية ضد سياسات التفقير والتهميش.
ويأتي تخليد فاتح ماي في ظل تصاعد الاحتقان الاجتماعي على خلفية موجة غلاء غير مسبوقة، وتدهور الأوضاع المعيشية لفئات واسعة من المغاربة، وتزايد شكاوى النقابات من تراجع الحكومة عن التزاماتها الاجتماعية، مما ينذر بموسم اجتماعي ساخن، وفق مراقبين.