
هومبريس – ع ورديني
تقع مدينة تارودانت، المعروفة بلقب “مراكش الصغرى”، في قلب جبال الأطلس الصغير، على بعد ساعة ونصف شرق أكادير، حيث تنبض بأصالة تاريخية و سحر فريد يميزها عن باقي المدن المغربية.
في تقرير نشرته قناة “سي إن إن” الأمريكية، تمت الإشارة إلى أن تارودانت تُشبه مراكش من حيث أسوارها الحمراء و أسواقها الحيوية، لكنها توفر بيئة أكثر هدوءاً بعيدًا عن إزدحام السياح، ما يجعلها وجهة مثالية للراغبين في الإستمتاع بجو أصيل و وتيرة حياة أكثر إسترخاءً.
تارودانت ليست مجرد مدينة تاريخية محاطة بأسوار أثرية، بل هي أيضاً بوابة لإستكشاف الطبيعة الخلابة، من الجبال الشامخة وصولاً إلى الكثبان الرملية و الصحراء القريبة.
كما أنها توفر للزوار فرصة لإكتشاف المطبخ الأمازيغي الأصيل، حيث يمكنهم تذوق أطباق تقليدية تعكس التراث المحلي العريق.
إضافةً إلى ذلك، تعد واحة “تيوت” القريبة من المدينة واحدة من الجواهر الطبيعية المخفية، حيث تمتزج فيها أشجار النخيل و البرتقال و التين الشوكي بنظام ري تقليدي فريد يُعرف بـ”الخطارات”، الذي يسمح بجلب المياه دون الحاجة إلى مضخات حديثة.
أما جنوب المدينة، فتتربع جبال الأطلس الصغير، محتضنةً قرى تقليدية ساحرة بمنازلها الطينية و المآذن المرتفعة، حيث يمكن للزوار تجربة الحياة المحلية و الإنغماس في العادات الثقافية الأصيلة للمنطقة.
بحسب التقرير، استقبل المغرب 17.4 مليون سائح في عام 2024، متجاوزاً بذلك مصر ليصبح الوجهة السياحية الأكثر زيارة في إفريقيا.
ومع تعزيز البنية التحتية السياحية و افتتاح خطوط جوية جديدة، فضلاً عن تنظيم كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم في دجنبر المقبل، يتوقع أن يستمر هذا النمو السياحي بوتيرة متسارعة.
في ظل التحديات التي تواجه بعض الوجهات السياحية الكبرى بسبب تدفق أعداد هائلة من الزوار، تقدم تارودانت نموذجًا سياحياً متوازناً يراعي إحتياجات المسافرين دون المساس بجمالية المكان أو راحة السكان المحليين، مما يجعلها واحدة من الوجهات الأكثر أصالة و تميزاً في المغرب.
إضافةً إلى ما سبق، تلعب تارودانت دوراً مهماً في الحفاظ على الهوية الثقافية و التراثية للمنطقة، حيث تحتضن العديد من الصناعات التقليدية مثل صناعة الزرابي، و النحاسيات، و المنتجات الجلدية التي تعكس براعة الحرفيين المحليين.
هذه الفنون الحرفية لا تقتصر على الجانب الجمالي فقط، بل تمثل أيضاً عنصراً إقتصادياً يساهم في دعم الأسر المحلية و تنشيط الحركة التجارية داخل المدينة، مما يجعلها نموذجاً للسياحة المستدامة التي تستفيد منها الساكنة و الزوار على حدٍ سواء.