
هومبريس- عبد العالي السرغيني
في ظل وضع اقتصادي هش، وركود تجاري يخنق أنفاس مدينة سوق السبت أولاد النمة- إقليم الفقيه بنصالح-، استيقظ الزبناء خلال اليومين الأخيرين على وقع زيادة جديدة في ثمن فنجان القهوة بعدد من المقاهي المحلية، بلغت درهمًا واحدًا، في خطوة وُصفت بأنها “غير مبرّرة” وتأتي في توقيت حساس تتآكل فيه القدرة الشرائية لأغلب الأسر، وسط موجة غلاء لا ترحم وتكاليف معيشة تزداد ثقلاً يومًا بعد آخر.
هذه الزيادة المفاجئة أثارت موجة استياء في صفوف الزبائن، الذين تساءلوا عن مشروعية القرار، ومدى قانونيته، خاصة في قطاع لا يخضع لتقنين صارم، وتُترك فيه الأسعار لهوامش تقديرية يحددها أرباب المقاهي وفق ما يرونه مناسبًا لواقعهم التجاري.
يستند عدد من المهنيين في تبرير هذه الزيادات إلى مقتضيات قانون حرية الأسعار والمنافسة رقم 104.12، والذي ينص صراحة على حق الفاعلين الاقتصاديين في تحديد أسعار المنتجات والخدمات بحرية، باستثناء ما تُقنّنه الدولة أو يخضع لنظام الدعم.
وتنص المادة الثانية من القانون على أن الأسعار تُحدد وفق مبدأ العرض والطلب، ولا يمكن للسلطات التدخل إلا في حالات استثنائية، كالأزمات أو تهديد التوازنات الاجتماعية، وهو ما لا ينطبق على القهوة، باعتبارها مادة غير مدعّمة ولا تُعدّ من السلع الأساسية.
في حديثهم للجريدة، أبدى عدد من أرباب المقاهي تفهمهم لغضب الزبائن، لكنهم أكدوا أن الزيادة لم تأتِ من فراغ، بل فرضتها ظروف مُتعددة وارتفاع أسعار البنّ المستورد، فضلًا عن التكاليف المتصاعدة لتدبير المرفق اليومي، من ماء وكهرباء وضرائب وأجور عمال.
ويشير هؤلاء إلى أن العديد من المقاهي، خاصة المتوسطة والصغيرة، ظلت تبيع القهوة بهامش ربح يكاد يكون رمزيًا، وأن استمرار الوضع على ما هو عليه كان يعني الانهيار أو الإغلاق. بالنسبة لهم، فإن درهمًا واحدًا ليس امتيازًا، بل “محاولة للبقاء في السوق”.
في المقابل، عبّر نشطاء عن رفضهم للطريقة التي تم بها فرض هذه الزيادات، ووصفوها بأنها تفتقر للوضوح والإشعار المسبق، ما يُعد خرقًا صريحًا لمبدأ الشفافية، وانتهاكًا لحق المستهلك في الاطلاع على الأسعار قبل الشراء، كما ينص على ذلك القانون ذاته.
ويرى هؤلاء النشطاء أن تحميل المواطن عبء الأزمة والاختلالات التدبيرية لا يُعد حلًا، بل تفريطًا في المسؤولية الاجتماعية، خاصة في ظرفية تتسم بتزايد الهشاشة وتراجع القدرة الشرائية لشرائح واسعة بالمدينة، داعية إلى تدخل عاجل من السلطات لضبط القطاع وحماية المستهلكين من الزيادات العشوائية.