
هومبريس – ع ورديني
في ظل التحولات الكبرى التي يشهدها قطاع السيارات عالمياً، برز المغرب كأحد اللاعبين الرئيسيين في ثورة السيارات الكهربائية داخل القارة الإفريقية، حيث لم يكتفِ بكونه سوقاً إستهلاكية، بل أصبح مركزاً صناعياً ناشئاً يسعى إلى ترسيخ مكانته في هذه الصناعة المستقبلية.
خلال عام 2024، شهدت مبيعات السيارات الكهربائية في المغرب ومصر طفرة ملحوظة، حيث تجاوزت 2000 وحدة في كل منهما، وفقاً لتقارير حديثة.
غير أن المغرب تميز بخطواته المتسارعة نحو بناء منظومة متكاملة، تجمع بين التصنيع المحلي، التحفيزات الإستثمارية، و البنية التحتية المتطورة، مما يعزز موقعه كوجهة رائدة في هذا المجال.
لم يكن هذا التحول وليد الصدفة، بل جاء نتيجة إستراتيجيات واضحة، مثل خارطة الطريق الوطنية للتنقل المستدام، التي تهدف إلى تقليص البصمة الكربونية لقطاع النقل بحلول 2050، إنسجاماً مع التزامات المغرب في إتفاق باريس للمناخ.
كما يستفيد المغرب من وفرة الطاقات المتجددة، التي توفر مصدراً نظيفاً للكهرباء، وهو عنصر أساسي لدعم إنتشار السيارات الكهربائية و محطات شحنها.
إلى جانب ذلك، نجح المغرب في إستقطاب شركات عالمية مثل رينو و ستيلانتيس، إلى جانب دعم مشاريع محلية لتطوير نماذج منخفضة التكلفة موجهة للأسواق الإفريقية.
كما أطلقت الحكومة حوافز إقتصادية تشمل الإعفاءات الجمركية و الضريبية، و تسهيل الإستثمار في محطات الشحن و تصنيع البطاريات، مما يعزز جاذبية السوق المغربية أمام المستثمرين الدوليين.
هذا التموقع لا يقتصر على البعد الاقتصادي فقط، بل يدخل ضمن دبلوماسية صناعية جديدة، يسعى المغرب من خلالها إلى تعزيز مكانته كشريك موثوق في الصناعة النظيفة، و كمركز تصدير نحو أوروبا و إفريقيا، مستفيداً من إتفاقيات التبادل الحر التي تربطه بشركاء إستراتيجيين.
أما مصر، فتسير في إتجاه مشابه، حيث تركز حالياً على تشجيع الطلب المحلي و تطوير البنية التحتية، فيما لا تزال مشاريع التصنيع في مراحلها الأولى.
ورغم ذلك، فإن المغرب يبدو أكثر تكاملاً في بناء سلسلة القيمة الخاصة بهذه الصناعة، مما يمنحه أفضلية تنافسية في المنطقة.
ورغم التقدم الملحوظ، لا تخلو التجربة من تحديات، أبرزها كلفة المركبات، ضعف القدرة الشرائية، والحاجة إلى تسريع تعميم محطات الشحن.
إلا أن الرؤية الواضحة، الدعم السياسي، و الإستثمارات الدولية تجعل من المغرب مرشحاً قوياً لقيادة التحول نحو النقل الكهربائي في إفريقيا، وترسيخ موقعه كفاعل صناعي بيئي في المستقبل القريب.
وفي سياق متصل، يشهد المغرب إهتماماً متزايداً من المستثمرين الدوليين في قطاع السيارات الكهربائية، حيث أعلنت شركات صينية عن مشاريع ضخمة لتصنيع بطاريات فوسفات الحديد و الليثيوم، بإستثمارات تصل إلى ملياري دولار.
هذه الخطوة تعزز قدرة المملكة على تحقيق هدفها المتمثل في إنتاج مليون سيارة كهربائية سنوياً، مما يرسخ مكانتها كمركز صناعي إقليمي في هذا المجال.