
هومبريس – م أبراغ
شدد عمر هلال، السفير الممثل الدائم للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة، على أن الصحراء المغربية حقيقة ثابتة تاريخياً و قانونياً، مدعومة بالإرادة الحرة لسكانها، حيث دعا إلى تجاوز المناورات التي تعرقل مسار التسوية السياسية، مؤكداً أن الحوار البناء بين الأطراف المعنية هو السبيل لتحقيق الإستقرار الإقليمي.
خلال مشاركته في الندوة الإقليمية للجنة الـ24 التابعة للأمم المتحدة، المنعقدة في ديلي، تيمور الشرقية، أكد هلال أن المغرب يواصل نهجه القائم على الحوار والتعاون الإقليمي، إلى جانب التزامه بالحلول السلمية، في مقابل استراتيجية العرقلة التي تنتهجها الجزائر، و التي تدعي الحياد بينما تلعب دوراً رئيسياً في النزاع عبر احتضانها و تمويلها و تسليحها لجبهة البوليساريو، فضلاً عن دعمها السياسي لها، مما يزيد من حالة عدم الإستقرار في المنطقة.
وأشار إلى أن المجتمع الدولي بات يحسم موقفه تدريجيًا، حيث تزايد عدد الدول التي سحبت اعترافها بالكيان الوهمي، كما يدعم أكثر من 117 بلدًا المبادرة المغربية للحكم الذاتي، مما يعكس تنامي الإعتراف الدولي بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، إضافة إلى افتتاح نحو 30 قنصلية عامة في مدينتي العيون و الداخلة، مما يعزز هذا التوجه الدولي و يؤكد الدعم المتزايد للموقف المغربي.
في استعراضه لتاريخ النزاع، أوضح هلال أن المغرب بادر منذ إنضمامه إلى الأمم المتحدة بالمطالبة باسترجاع صحرائه من الإستعمار، و هو ما تحقق بموجب اتفاق مدريد في نونبر 1975، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها 3458B، كما أن النزاع أخذ منحىً أمنياً منذ تأسيس الجزائر لجبهة البوليساريو، مما إستدعى إدراج الملف ضمن جدول أعمال مجلس الأمن تحت الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، و هو ما يعكس الأهمية الجيوسياسية لهذا الملف.
أكد هلال أن خيار الإستفتاء لم يعد مطروحاً، وفق تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عام 2000، الذي خلص إلى إستحالة تنفيذه بشكل توافقي، كما أن مجلس الأمن يتبنى منذ سنوات خيار الحل السياسي الواقعي القائم على التوافق، في إنسجام مع المبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي وصفها بالجدية وذات المصداقية، مشيراً إلى أنها تمنح سكان الصحراء حكما ذاتيا واسعاً تحت السيادة المغربية، إضافة إلى كونها تحظى بدعم دولي متزايد، مما يجعلها الحل الأكثر واقعية و إستدامة.
وفي ختام كلمته، جدد السفير المغربي التزام المملكة بإيجاد حل دائم لهذا النزاع، داعياً إلى حوار صادق مع جميع الأطراف، وعلى رأسها الجزائر، التي لا يمكن الإستمرار في تجاهل دورها المحوري، كما شدد على ضرورة إعادة تقييم مقاربة لجنة الـ24 لهذا الملف برؤية واقعية و شجاعة، بما يتماشى مع التطورات السياسية و الدبلوماسية التي يشهدها الملف، مما يفتح المجال أمام حل شامل و مستدام.
إلى جانب التحركات الدبلوماسية، يواصل المغرب تعزيز التنمية الإقتصادية و الإجتماعية في أقاليمه الجنوبية، حيث تم إطلاق مشاريع كبرى في مجالات البنية التحتية، الطاقة، و الصناعة، مما يعكس التزام المملكة بتطوير المنطقة وفق رؤية متكاملة، كما أن هذه الدينامية التنموية تسهم في تحسين مستوى معيشة السكان المحليين، و تعزز من جاذبية المنطقة للإستثمارات الأجنبية، مما يرسخ مكانتها كمركز إقتصادي واعد في شمال إفريقيا، و يؤكد على أهمية التنمية كعامل رئيسي في إستقرار المنطقة.
يُذكر أن هلال ترأس وفداً مغربياً رفيع المستوى خلال الندوة، ضم ممثلين عن وزارة الخارجية، مجلس الجالية المغربية بالخارج، المجلس الملكي الإستشاري للشؤون الصحراوية (كوركاس)، إضافة إلى منتخبين من جهتي الداخلة وادي الذهب و العيون الساقية الحمراء، حيث ساهم الوفد في إبراز التقدم التنموي الذي تشهده الأقاليم الجنوبية، فضلاً عن تعزيز حضور المغرب في المحافل الدولية المتعلقة بهذا الملف، مما يعكس التزام المملكة بالدفاع عن وحدتها الترابية على كافة المستويات.