الرئيسية

المغرب يعيد رسم خريطة الرعاية الصحية.. المجموعات الترابية في قلب الإصلاح

هومبريسح رزقي 

في إطار الإصلاح العميق للمنظومة الصحية المغربية، أكد وزير الصحة و الحماية الاجتماعية خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس النواب أن الوزارة ماضية في تنفيذ ورش المجموعات الصحية الترابية، وفقاً للتوجيهات الملكية السامية التي تهدف إلى تعميم الحماية الإجتماعية و التغطية الصحية الشاملة، و مواكبة الإصلاحات الهيكلية الكبرى التي يشهدها القطاع الصحي.  

وأوضح الوزير أن هذا المشروع يرتكز على إطار قانوني متين، حيث تم إصدار القانون الإطار رقم 06.22 الذي ينص في مادته 32 على إحداث هيئات للتدبير و الحكامة، من بينها المجموعات الصحية الترابية، باعتبارها مؤسسات عمومية إستراتيجية مكلفة بتنفيذ السياسة الصحية للدولة على المستوى الجهوي.  

وفي سياق التفعيل العملي لهذا القانون، صدر المرسوم رقم 2.23.1054 بتاريخ 24 مارس 2025، الذي يحدد تشكيلة مجلس إدارة هذه المجموعات، و يضع الآليات القانونية لنقل العقارات و المنقولات المملوكة للدولة لفائدتها، مما يضمن إنطلاقة قوية لهذا الورش الإصلاحي.  

وأشار الوزير إلى أن ورش تنزيل المجموعات الصحية الترابية حقق تقدماً ملموساً، حيث سيتم قريباً إطلاق أول مجموعة بجهة طنجة تطوان الحسيمة، بعد تعيين المدير العام لها من قبل جلالة الملك محمد السادس، في خطوة تعكس الإرادة الملكية للإسراع بهذا الإصلاح الهيكلي، و تحويل هذه المجموعات إلى ركيزة أساسية لتحسين العرض الصحي و تقريبه من المواطنين.  

ولتأمين نجاح هذا الورش، اتخذت الوزارة إجراءات جوهرية، من بينها إعداد مشاريع نصوص تطبيقية خاصة بمهنيي القطاع الصحي، تشمل مشروع مرسوم النظام الأساسي النموذجي لمهنيي الصحة بالمجموعات الصحية الترابية، و مشروع قرار يحدد شروط و كيفيات انتخاب ممثلي مهنيي الصحة بمجالس الإدارة، إضافة إلى مشروع مرسوم يحدد تاريخ الشروع الفعلي بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة.  

وفي إطار إشراك الفاعلين الإجتماعيين، عقدت الوزارة سلسلة لقاءات مع النقابات القطاعية لمناقشة الجوانب التقنية و المالية المرتبطة بتدبير الموارد البشرية خلال مرحلة التحول، و ضمان مركزية الأجور و الحفاظ على صفة الموظف العمومي.  

أما على مستوى الرقمنة و التحديث، فقد أطلقت الوزارة مشاريع رقمية مهيكلة، تشمل تعميم النظام المعلوماتي الإستشفائي على 20 مستشفى بالجهة، وإطلاق منظومة رقمية في 289 مركزاً صحياً أولياً، إضافة إلى منصة إلكترونية لحجز المواعيد و الإطلاع على البيانات الصحية، مما يعزز كفاءة الخدمات الصحية و يقربها من المواطنين.  

وفي الجانب الطبي، تم إعداد برنامج طبي جهوي متكامل، بمشاركة أكثر من 60 مهنياً في القطاع الصحي، حيث شمل تشخيصاً تفصيلياً للعرض والطلب عبر 37 تخصصًا طبياً، و وضع 350 توصية عملية لتحسين جودة العلاجات، خاصة في مجالات الجراحة، السرطان، الصحة النفسية، صحة الأم و الطفل، و المستعجلات.  

وأكد الوزير أن المجموعات الصحية الترابية ستشكل حجر الأساس في إصلاح المنظومة الصحية، حيث ستساهم في تحسين التدبير و الحكامة و ضمان عدالة الولوج إلى العلاج، بما يكرس العدالة الإجتماعية و المجالية في القطاع الصحي، داعياً جميع الفاعلين إلى دعم هذا الورش الإصلاحي الطموح، الذي يعكس التزام المغرب ببناء منظومة صحية حديثة و متطورة.  

إلى جانب الإصلاحات الهيكلية، تعمل الوزارة على تعزيز التكامل بين القطاعين العام و الخاص في تقديم الخدمات الصحية، مما يتيح توسيع نطاق الرعاية الصحية و تحسين جودتها. 

كما يتم التركيز على إدماج التكنولوجيا الحديثة في التشخيص و العلاج، عبر تطوير أنظمة الذكاء الإصطناعي في المستشفيات، مما يسهم في رفع كفاءة الخدمات و تقليل فترات الإنتظار.

هذه الخطوات تعكس رؤية مستقبلية تهدف إلى جعل المغرب نموذجاً رائداً في الرعاية الصحية الذكية و المستدامة.  

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق