الرئيسية

لتوريد القمح.. المغرب يعزز أمنه الغذائي عبر شراكة إستراتيجية جديدة و مستدامة مع كازاخستان

هومبريسع ورديني 

في ظل التحولات الجيوسياسية و المناخية المتسارعة، يتجه المغرب نحو إعادة رسم خريطة مورّديه الإستراتيجيين للقمح، عبر شراكات جديدة مع دول لم تكن تقليدياً ضمن قائمة مزوّديه الرئيسيين.

 في هذا السياق، برزت كازاخستان كفاعل جديد في المشهد، حيث أعلنت شركة برودكوربوراتسيا الحكومية عن شحن 60 ألف طن من القمح الغذائي عالي الجودة إلى المملكة، في خطوة تعكس رغبة البلدين في تعزيز التعاون الزراعي و التجاري.  

هذا التحرك الكازاخي يأتي ضمن رؤية طموحة لتعزيز حضورها في الأسواق العالمية، حيث تستهدف دول الإتحاد الأوروبي، الشرق الأوسط، شمال إفريقيا، و جنوب شرق آسيا كوجهات رئيسية لصادراتها الزراعية.

 ووفقاً لتصريحات رئيس مجلس إدارة الشركة، فإن المغرب أصبح وجهة رئيسية للقمح الكازاخي، حيث تم تصدير أكثر من 83 ألف طن خلال الفترة الممتدة من يناير إلى مارس 2025، و هو ما يعكس تحولاً إستراتيجياً في خريطة الشركاء الزراعيين للمملكة.  

التعاون المغربي الكازاخي في مجال القمح يبدو مرشحاً للتوسع، حيث تم توقيع إتفاقيات مبدئية خلال أبريل الماضي لتزويد المغرب و دول شمال إفريقيا بحوالي 300 ألف طن من الحبوب قبل نهاية الموسم الزراعي 2024/2025، وفقاً لوزارة الزراعة في كازاخستان.  

هذه الخطوة تعكس حرص المغرب على تأمين حاجياته الإستراتيجية من الحبوب في ظل التحديات المناخية التي تؤثر على الإنتاج الوطني، كما أنها تعكس دينامية تنويع الأسواق التي تنهجها كازاخستان، و التي تتجه نحو إرساء موطئ قدم ثابت في أسواق بعيدة و واعدة، مثل جنوب شرق آسيا، حيث تم الإعلان مؤخرًا عن أول شحنة إلى فيتنام عبر مسار لوجستي يمر عبر الصين.  

في ظل تقلبات الأسواق و ارتفاع الأسعار بسبب النزاعات الدولية، فإن المغرب يبحث عن مصادر جديدة أكثر إستقراراً وجودة، ومع الطموح الكازاخي لرفع صادرات الحبوب إلى 12 مليون طن هذا العام، فإن المملكة قد تجد في كازاخستان شريكاً موثوقاً يساهم في تحقيق الأمن الغذائي الوطني و تعزيز القدرة التفاوضية في السوق الدولية.  

إضافة إلى ذلك، فإن هذا التعاون يفتح الباب أمام فرص استثمارية جديدة في قطاع الزراعة و التخزين اللوجستي، حيث يمكن للمغرب الإستفادة من التكنولوجيا الزراعية المتقدمة التي تعتمدها كازاخستان، مما يعزز كفاءة الإنتاج المحلي و يساهم في تحقيق الإكتفاء الذاتي على المدى الطويل.  

مع استمرار المغرب في تنويع موردي القمح و تقليص تبعيته للأسواق الأوروبية التقليدية، يبدو أن كازاخستان، بما تتوفر عليه من موارد زراعية ضخمة وخطط تصديرية طموحة، مرشحة لتصبح فاعلاً محورياً في تغذية السوق المغربية بالقمح خلال السنوات المقبلة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق