هومبريس – ع ورديني
في عالم يشهد تحولات كبرى في مجال الطاقة، يبرز المغرب كقوة إقليمية صاعدة، يسابق الزمن لترسيخ مكانته في الطاقات المتجددة، واضعاً نصب عينيه هدفاً طموحاً : تحقيق إستقلاله الطاقي عبر إستغلال موارده الطبيعية الهائلة و تقليل إعتماده على الوقود الأحفوري المستورد.
إستراتيجية المغرب ترتكز على تنويع مصادر الطاقة وتوسيع الاعتماد على الطاقات النظيفة، مستفيداً من إمكاناته الطبيعية الفريدة، خاصة في مجالي الطاقة الشمسية و الريحية.
ووفقاً لوزارة الإنتقال الطاقي والتنمية المستدامة، فقد تجاوزت القدرة المنشأة من الطاقات المتجددة 4,600 ميغاواط حتى نهاية عام 2023، أي ما يعادل 37% من إجمالي القدرة الكهربائية، مع طموح رفع هذه النسبة إلى أكثر من 52% بحلول 2030.
في هذا الإطار، يبرز مركب نور بورزازات الشمسي كأحد أكبر المشاريع العالمية الرائدة، معززاً موقع المغرب كدولة سبّاقة في تطوير حلول مبتكرة لإنتاج الطاقة النظيفة.
كما تشهد مناطق مثل طرفاية، أكادير، و طنجة إطلاق مشاريع ضخمة لطاقة الرياح، مما يساهم في التوزيع المتوازن للإستثمارات الطاقية في مختلف جهات المملكة.
على مستوى البنية التحتية، تعمل السلطات على دمج الطاقات المتجددة في الشبكة الوطنية للكهرباء، عبر تعزيز الربط بين المحطات المنتجة و مراكز الاستهلاك الكبرى، إلى جانب توسيع قدرات التخزين و التحكم في تدفقات الطاقة لضمان استقرار الإمدادات.
كما يتجه المغرب إلى تطوير مشاريع الهيدروجين الأخضر، باعتباره أحد أبرز مصادر الطاقة المستقبلية، إذ تم توقيع عدة مذكرات تفاهم مع مستثمرين دوليين لاستكشاف فرص الإنتاج و التصدير.
ورغم التحديات المرتبطة بتقلبات الموارد الطبيعية و تأمين الإستثمارات الكافية، يواصل المغرب ترسيخ مكانته كفاعل طاقي إقليمي بارز قادر على تلبية احتياجاته الكهربائية من مصادر مستدامة، بل و التحوّل مستقبلاً إلى مُصدّر للطاقة النظيفة نحو أوروبا و إفريقيا جنوب الصحراء، مما يعزز دوره الريادي في الإنتقال الطاقي العالمي.
إلى جانب الأبعاد التقنية و الإقتصادية، تُشكل الإستثمارات في الطاقات المتجددة نقلة استراتيجية نحو تحقيق السيادة الطاقية للمملكة، و تقليص الإعتماد على الاستيراد، مما يساهم في إرساء دعائم إقتصاد مستدام و خلق آلاف فرص العمل الجديدة.
هذا التوجه يعكس إرادة سياسية واضحة و إجراءات عملية فعالة لدعم مشاريع الطاقة النظيفة و ضمان مستقبل أكثر إزدهاراً و إستقراراً.
