
هومبريس – ي فيلال
في تطور قضائي مثير للجدل، أصدرت محكمة تونسية حكمًا غيابيًا بالسجن لمدة 22 عاماً بحق الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي، المقيم في فرنسا، بتهم تتعلق بـ”جرائم إرهابية” و “المساس بأمن الدولة”، وفق ما أوردته تقارير إعلامية.
ويُعد هذا الحكم هو الثالث من نوعه بحق المرزوقي، بعد إدانات سابقة بالسجن 12 عاماً في قضيتين منفصلتين.
وشمل الحكم ذاته أربعة متهمين آخرين، من بينهم عماد الدايمي، المستشار السابق للمرزوقي، و عبد الرزاق الكيلاني، النقيب الأسبق للمحامين، على خلفية تصريحات أدلوا بها خلال مؤتمر صحفي في باريس، انتقدوا فيه مؤسسات الدولة و القضاء التونسي.
وفي أول رد فعل، وصف المرزوقي الأحكام بأنها “سريالية” و “باطلة”، معتبراً أنها تستهدف “خيرة رجالات تونس” و تُثير “سخرية العالم”، على حد تعبيره، مؤكداً أن “الديمقراطية ستعود مهما طال الزمن”.
ويأتي هذا الحكم في سياق سياسي متوتر، حيث تُواجه تونس إنتقادات متزايدة من منظمات حقوقية دولية بسبب ما تعتبره “تراجعاً خطيراً في الحريات العامة”، خاصة منذ إعلان الرئيس قيس سعيد في يوليو 2021 الإستحواذ على السلطات التشريعية و التنفيذية، و تعديل الدستور لإرساء نظام رئاسي موسّع.
وقد شهدت البلاد منذ ربيع 2023 موجة اعتقالات طالت عشرات السياسيين و المحامين و الصحافيين، بموجب قانون يُجرّم “نشر الأخبار الزائفة”، والذي وُصف بأنه فضفاض و يُستخدم لتقييد حرية التعبير.
وفي أبريل الماضي، أصدرت المحكمة الابتدائية أحكاماً بالسجن تراوحت بين 13 و 66 عاماً بحق نحو 40 متهماً، بينهم شخصيات معارضة، في قضية “التآمر على أمن الدولة”.
وقد دعت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إلى وقف ما وصفته بـ”الإضطهاد السياسي”، مطالبة بالإفراج عن المعتقلين لأسباب إنسانية.
ويُثير هذا التصعيد القضائي تساؤلات حول إستقلالية القضاء في تونس، و مدى التوازن بين متطلبات الأمن القومي و ضمانات المحاكمة العادلة، في ظل غياب آليات رقابة فعالة على السلطة التنفيذية.
كما يُنذر هذا المسار بتأثيرات إقليمية، حيث تُراقب دول الجوار و المنظمات الدولية تطورات الوضع التونسي باعتباره مؤشراً على مستقبل الإنتقال الديمقراطي في المنطقة، وسط مخاوف من عودة السلطوية تحت غطاء قانوني.