الرئيسية

إيقاعات تتجاوز الزمن… مهرجان كناوة 2025 يُحوّل الصويرة الحالمة إلى كوكب موسيقي مستقل و مُلهم

هومبريسي فيلال 

تحوّلت مدينة الصويرة من 19 إلى 21 يونيو 2025 إلى عاصمة عالمية للإيقاع و الروح، حيث احتضنت الدورة السادسة والعشرين من مهرجان كناوة و موسيقى العالم، الذي بات يُعدّ من أبرز التظاهرات الثقافية في إفريقيا و العالم العربي. 

هذا الحدث، الذي انطلق سنة 1998، لم يعد مجرّد مهرجان موسيقي، بل أصبح جسراً حضارياً يربط بين الثقافات و يُجسّد قيم الإنفتاح و التسامح.

عرفت دورة هذا العام مشاركة 350 فنانًا من مختلف القارات، من بينهم 40 “معلماً” كناوياً، قدّموا 54 عرضاً موسيقياً على أشهر منصات المدينة، أبرزها ساحة مولاي الحسن و منصة الشاطئ. 

وشهدت العروض مزجاً فنياً فريداً بين الكمبري والجاز و الإيقاعات الإفريقية، حيث التقى المعلم عبد الكبير مرشان بالفنان التونسي ظافر يوسف في حوار موسيقي صوفي، كما أبدعت الفنانة روكيا كوني من مالي في عرض نسائي مشترك مع أسماء حمزاوي و “بنات تومبكتو”، في احتفاء نادر بالذاكرة النسائية الإفريقية.

لم يكن المهرجان حدثاً فنياً فقط، بل شكّل رافعة إقتصادية لمدينة الصويرة، حيث امتلأت الفنادق و المطاعم، و ارتفعت وتيرة الإقبال على الأسواق التقليدية. 

ومع ذلك، أثارت الزيادات المفاجئة في الأسعار إنتقادات من الزوار، ما دفع فاعلين محليين إلى الدعوة لضبط الأسعار و تجويد الخدمات للحفاظ على صورة المدينة كوجهة ثقافية راقية.

تميّزت الدورة برسائل قوية، حيث هتف الجمهور خلال إحدى السهرات بـ”الحرية لفلسطين”، في لحظة تضامن عفوية أثارت تفاعلًا واسعاً.

 كما عبّرت مديرة المهرجان نائلة التازي عن فخرها بتحوّل المهرجان إلى “فضاء ديمقراطي” يُعزز قيم السلام و التنوع، و يُبرز دور المرأة المغربية في التسيير الثقافي، حيث يشكّل الطاقم النسائي جزءاً أساسياً من إدارة المهرجان منذ إنطلاقته.

أثبت المهرجان مرة أخرى أنه ليس فقط إحتفالاً بالموسيقى، بل أداة دبلوماسية ناعمة تُعزّز صورة المغرب كبلد منفتح و متجذر في عمقه الإفريقي. 

وقد حضر عدد من السفراء و البعثات الثقافية الأجنبية فعاليات المهرجان، ما يُكرّس مكانته كمنصة للحوار الثقافي العابر للحدود.

إلى جانب العروض الكبرى، احتضن المهرجان ورشات تكوينية لفائدة الشباب و الفنانين الصاعدين، في مجالات مثل الإيقاع، الرقص، و التوثيق الموسيقي، ما يُسهم في نقل هذا التراث الحي إلى الأجيال القادمة، و يُرسّخ كناوة كذاكرة جماعية نابضة بالحياة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق