
هومبريس – ح رزقي
مع التقدم في العمر، تتحول صحة الفم والأسنان إلى تحدٍّ يومي، حيث تبدأ المشاكل بتراجع اللثة وتصل في كثير من الحالات إلى فقدان الأسنان. وتشير الإحصاءات إلى أن الأشخاص فوق سن 65 عامًا يفقدون في المتوسط 12 سنًا من أصل 32، نتيجة عوامل متشابكة أبرزها جفاف الفم، ضعف العناية اليومية، وأمراض اللثة التي تصيب نحو ثلثي كبار السن.
في قلب هذه الأزمة، تقف البكتيريا المتراكمة التي تُنتج سمومًا تؤدي إلى التهاب اللثة وتآكل الأنسجة الداعمة للأسنان. وتوضح الدكتورة فيرا تانغ من جامعة نيويورك أن تراكم الجير دون إزالة منتظمة يؤدي إلى تكوّن جيوب بين اللثة والأسنان، ما يُهدد بفقدانها على المدى الطويل.
وللوقاية، يُوصي الخبراء بـ:
– تنظيف الأسنان بالفرشاة والخيط مرتين يوميًا
– استخدام معجون غني بالفلورايد وفرشاة ناعمة
– تجنب التنظيف العنيف الذي قد يُسبب انحسار اللثة
جفاف الفم يُعد تحديًا إضافيًا، خاصة مع تناول أدوية تقلل من إفراز اللعاب. ويحذر أطباء من جامعة هارفارد من أن تجاويف جديدة قد تظهر خلال ثلاثة أشهر فقط من بداية الجفاف، ما يستدعي إجراءات وقائية مثل:
– مضغ العلكة الخالية من السكر
– شرب الماء بانتظام
– تجنب الكحول والكافيين
– استخدام بدائل اللعاب الصناعية
ولا تتوقف آثار تدهور صحة الفم عند حدود الأسنان، بل تمتد إلى الجسم بأكمله. فقد أظهرت دراسات ارتباطًا بين أمراض اللثة وأمراض مزمنة مثل السكري وأمراض القلب، بل وربطت أبحاث حديثة بين فقدان الأسنان وزيادة خطر الإصابة بالخرف لدى كبار السن.
كما أن صحة الفم تنعكس مباشرة على جودة الحياة، إذ تؤثر على القدرة على المضغ والتغذية السليمة، وعلى الثقة بالنفس والتواصل الاجتماعي، ما يجعل العناية بها ضرورة يومية لا تقل أهمية عن باقي الجوانب الصحية.
ولتعزيز صحة الفم مع التقدم في العمر، يُنصح باتباع نظام غذائي متوازن، يشمل تقليل السكريات والمشروبات الحمضية، وتناول أطعمة غنية بالكالسيوم وفيتامين D، والحفاظ على توازن السكر في الدم، خاصة لمرضى السكري.
كما يُوصى بالإقلاع عن التدخين والكحول، لما لهما من تأثير مباشر على جفاف الفم وزيادة خطر أمراض اللثة وسرطان الفم. وتبقى الفحوصات الدورية وزيارة طبيب الأسنان بانتظام حجر الزاوية في الكشف المبكر عن أي تغيّرات مقلقة، مثل البقع البيضاء أو الحمراء التي تدوم أكثر من أسبوعين.
ويؤكد أطباء الأسنان أن العناية بصحة الفم في الشيخوخة ليست ترفًا، بل استثمار في جودة الحياة، حيث يمكن للحلول التجميلية الحديثة مثل القشور الخزفية وترقيع اللثة أن تُعيد الثقة والابتسامة حتى في مراحل العمر المتأخرة.